Image Not Found

الأوليجارشيات العربية

د.طاهرة اللواتية – عُمان

تعرف الموسوعة البريطانية الأوليجارشية oligarchy بأنها القوة المتسلطة التي تمارس التسلط من خلال مجموعة صغيرة من أصحاب الامتيازات بطرق فاسدة، ومن أجل تحقيق مصالح أنانية.

ومع نهج الخصخصة لأصول الدول من شركات وهيئات حكومية، وبضغط من منظمات نيوليبرالية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، أصبحت الأوليجارشية تشتري حصصا كبيرة من هذه الأصول، أو تستحوذ عليها بالكامل، وتزداد تغلغلا في المفاصل الاقتصادية للدول، وتعمل على تطويع السياسيين والسياسات الاقتصادية من أجل خدمة مصالحها.

وتستمر الأوليجارشية في الوجود؛ بسبب عدم المساواة في الثروة والدخل. وتعمل في دوائر المال والسياسة والإعلام للتحكّم في الأذهان والعقول، وبما يحقق مصالحها الاقتصادية، وتمارس التضليل الإعلامي المدروس والمحكم.

يقول الاقتصادي توماس بيكيتي: “ما وجدناه هو أن الشرق الأوسط هو المنطقة الأكثر معاناة مع اللامساواة في العالم. لديك تركّز لا يصدق في الثروات والموارد.. هذا يخلق مستوى عاليا جدا من عدم المساواة على صعيد المنطقة”، ويقول: “إن الحكومات في الغرب تحمي هذه النماذج الاقتصادية غير المتكافئة في الشرق الأوسط، ولا تدفع للوصول إلى نماذج أكثر عدالة”.

إن فئة الأوليجارشية المتحاربة، وهم المنغمسون مباشرة في الدفاع عن ثرواتهم وتكدسها، فالثروة كلما تكدست جلبت المزيد من الهيمنة، والتحكم في القوانين الاقتصادية، أو تعطيل أجزاء من القوانين بما يساعدهم للحصول على المزيد من الثروات. ولا يهمهم كثيرا إيجاد الأزمات في السوق، مثل التركيز التجاري والاحتكار، وانتشار الغلاء، وتأثر القطاع الخاص سلبا أو انكماشه بسبب سلوكهم الاقتصادي المنحرف وخلقهم للأزمات الاقتصادية، بل يستغلون القطاع الخاص كواجهة للدفع بمطالبهم الخاصة.

والأوليجارشيون هم سبب زيادة البطالة وانتشار الفقر، والإفراط في استخدام اليد العاملة الرخيصة المهاجرة على حساب الأمن الوطني، فهم ضد سياسات التوطين، وفي كل الأحوال يستطيعون البحث لأموالهم عن ملاذات ضريبية آمنة، ولا يساهمون في التنمية الحقيقية للبلاد بمشاريع تلبي حاجات المجتمع والأوطان رغم ضغوطاتهم المستمرة على الحكومات للانصياع إلى مطالبهم المنحازة.