لا يختلف اثنان على أن مصر تعتبر من الدول الرائدة في العالم العربي من حيث الحركة السياحية. فملايين السياح يزورون مصر سنوياً بالرغم من زحمة الناس وحركة سير السيارات التي تعاني منها، في الوقت الذي تُبذل فيه جهوداً كبيرة لإنشاء مزيد من الطرق السريعة والمراكز التجارية وأماكن الترفيه لجذب السياح والعائلات إليها. فقطاع السياحة يمثل نحو 15% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، ومورداً مهماً للعملات الصعبة.
والكل يعلم بأن مصر مثل بقية دول العالم عانت من آثار تفشي جائحة كورونا خلال السنتين الماضيتين، الأمر الذي أدى إلى تراجع حركة الطيران والسياحة والفندقة بصورة كبيرة، وتراكمت الديون على المؤسسات السياحية بصفة عامة، إلا أن الوضع كان مختلفاً منذ عدة شهور مضت. فخلال النصف الأول من العام الحالي 2022 شهدت مصر انتعاشاً جيداً، وارتفعت معدلات الإشغال الفندقي مقارنة مع الفترة المماثلة لها من العام الماضي، بحيث زادت معدلات الإشغال في فنادق القاهرة عن 60 % وفق البيانات الرسمية، في حين من المتوقع أن تشهد الحركة نشاطاً أكبر خلال فترة الشتاء القادمة، خاصة إذا تحسنت الظروف الاقتصادية العالمية، وتوقفت الحرب الروسية الاوكرانية.
من جانبها، تعمل مصر على إجراء إصلاحات في أنظمة إصدار التأشيرات السياحية وتقديم مزيد من التسهيلات لجذب السياح والاستثمارات الأجنبية في مشاريع البناء والعقارات والسياحة بالرغم من الانخفاض الملموس الذي تشهدها العملة المحلية للجنيه المصري والضغوط التضخمية الناجمة عن الاوضاع الاقتصادية العالمية. فمنذ أكثر من شهر مضى أطلقت الحكومة المصرية حملة سياحية ترويجية في إطار استراتيجيتها في السوق العربية ودول مجلس التعاون الخليجي لجذب 3 ملايين من السياح العرب من خلال تقديم عروض أفلام دعائية تتحدث عن أهم المقاصد والمقومات السياحية المصرية، عبر قنوات دعائية ومواقع ومنصات التواصل الإجتماعي. وتُقدّم من خلالها أهم المقاصد السياحية بالهوية الجديدة.
ووفقاً لموقع ” ترافل ايوتس” المتخصص في شئون السياحة والسفر فقد حصلت مصر على المركز الـ 9 عالمياً ضمن أكثر 17 مقصداً سياحياً شهرة في العالم من حيث الثقافة والتاريخ والموقع الجغرافي المتميز والترفيه والأنشطة البحرية المختلفة. وهناك توقعات بقدوم مزيد من المسافرين خلال العام المقبل 2023، في الوقت الذي أصبحت فيه الحركة السياحية إلى مصر ملموسة حاليا نتيجة زيادة إقبال السياح واستئناف حركة الطيران والسياحة عالميا. وأصبحت بعض مدنها تسجل حركة سياحية كبيرة في إطار البرامج التي تضعها الشركات السياحية التي تسوّق حملاتها الترويجية. وهناك اليوم فرصة للحصول على التأشيرة السياحية من مخلتف منافذ الوصول المصرية لنحو 180 جنسيةً يمكن لها الدخول إلى هذه الدولة من أجل السياحة التي أصبحت من القطاعات الاقتصادية المهمة لدول العالم في رفد الايرادات السنوية في الموازنات العامة.
هناك اليوم آمال كبيرة ليست لدى مصر فحسب، بل لدى معظم دول العالم بأن تتوقف الحرب الروسية الاوكرانية التي أدت إلى تراجع أعداد سياحها من الروس والأوكرانيين إلى مصر وغيرها من الدول الأخرى. فيما تؤدي استمرار الحرب في زيادة الاعباء على الدول من حيث الحصول على بعض المواد الغذائية من الحبوب، ناهيك عن ارتفاع أسعار النفط والغاز والتأثيرات السلبية التي تتركها على الدول المستوردة لهما.