عُمان: كتبت: غالية الذخرية
أصحاب الهوايات: تنمية القدرات والإمكانيات تفجر الطاقات وتستخرج المكنونات لدينا كمصادر رزق
اتجه بعض العمانيين في الوقت الراهن إلى تحويل هواياتهم وممارساتهم اليومية إلى مشاريع تجارية كمصدر رزق دائم، أو دخل إضافي، وهذا مما دفع العديد من المواطنين من فئة الشباب إلى ابتكار محلات تجارية لم تكن موجودة على الساحة المحلية لسلطنة عمان، وهذا ما شهدته الفترة الأخيرة سيما مرحلة «كورونا»، وقد تم تطوير العديد من تلك الهوايات بشكل لاقى إقبالا كبيرا واستحسانا من الجمهور المستهلك، بل تجاوزت تجارة البعض منهم إلى خارج سلطنة عمان، وأصبحت تنافس الأسواق العربية والعالمية في ظل الطفرة الإلكترونية وفضائيات التواصل الاجتماعي.
ويمارس البعض تلك الهوايات بشيء من المتعة والتسلية، وينمي تلك الهواية ليمتلك مهارات إبداعية وقدرات مميزة ويستثمرها بطريقة مثلى تخدم صاحبها وتصبح مهنة رئيسية له، فبعض الأفراد عرفوا شغفهم وصنعوه بطريقة أهلتهم لتأسيس الهواية لتكون مصدر دخل لها، فبالإضافة إلى السعادة والرضا وتقضية الوقت في شيء مفيد فهي تجلب المال والخير، وتفتح الآفاق والمحيط الاجتماعي وقد ترفع عنهم جاز الملل وتزيل التوتر والضغوطات النفسية.
شغف التصوير
«عمان» التقت ببعض الأفراد الذين استثمروا هواياتهم ليصبح مشروعا يدر عليهم بالمال، حيث أشارت أمسية بنت محمد العامرية إلى أن الهواية التي كانت تملتكها بدافع الشغف والميول للتصوير، وهو ما دفعها لإنشاء حساب واستوديو خاص باسمها في مجال التصوير وقالت في حديثها عن هواية التصوير«بدايتي كانت بالتقاط صور جميلة لأطفال من العائلة ونشرها عبر حساباتي في الانستجرام، وكان بتشجيع المتابعين وإعجابهم بالصور وطلبهم الدائم بعمل جلسات تصوير لأحدهم مما شجعني أن استمر في هذا المجال، فقمت بعدها بشراء كاميرة تصوير متخصصة أصبحت رفيقتي».
وبينت «أن التصوير هو عمل فني احترافي، فالعديد من الناس ترغب في توثيق مناسباتهم الجميلة والمميزة لتكون ذاكرة في تاريخهم وموثقة، وبالرغم من كثرة المصورين، فلكل مصور زاويته الخاصة التي تميزه، وأنا حاليا أقوم بتصوير الأطفال وحديثي الولادة بلقطاتهم البريئة».
وأكدت العامرية أنه شيء ممتع بأن تعمل في شغفك فالهواية تساعد الشخص على تنمية مهاراته وإبداعاته وتجدد فيه الحاضر والمستقبل.
الطهي الرجالي
وفي الجانب الآخر، قد يكون الطبخ مهاما أساسية لربة المنزل لإعداد الطعام لأفراد العائلة منذ قديم الزمان، وهو مجال المرأة الخاص، ولكن يظهر اليوم انتشار واسع لرجال في عالم طهي الطعام وإظهار قدراتهم وإبداعاتهم في مختلف الأكلات التقليدية أو العالمية والأفكار المبتكرة في تقديم الطعام.
عمار بن محمد الشيزاوي أحد الطهاة البارعين الذين أبدعوا في تطوير مهاراتم وهوايتهم في مجال الطبخ، حيث قال: «بدأ حبي وشغفي للطهي منذ الصغر، فكانت تستهويني مجلات وكتب وبرامج الطبخ دون برامج الرياضة أو الألعاب الترفيهية، ورغم رفض الأسرة لهذه الهواية إلا إنني واجهت تلك التحديات، فكنت أقوم بصنع الحلويات وأطبخ الأكلات بخفيه دون معرفة الأهل وأقوم بتقديمها للأصدقاء، وبعدها اشتركت في نشاط مدرسي (الكشافة المدرسية) وشجعني قائد الكشافة في ذلك الوقت على الطهي وحاول إقناع الأسرة بموهبتي، ودخلت في المعسكرات الكشفية وحصلت على شارة أفضل طاهي وكنت وقتها لم أتجاوز الثالثة عشرة من عمري، وواصلت في تحقيق حلمي حيث كنت انتهي من يومي المدرسي فترة الصباح، وأعمل بدوام جزئي في أحد المطاعم ليس لكسب المال من أجل المال، بل حتى أستطيع شراء مجلات وأدوات طهي خاصة بي تساعدني على التعلم والاستفادة».
وأشار الشيزاوي إلى أنه صمم ورشة خاصة له في غرفة نومه لتنمية مهاراته أكثر، وقال: «عملت في هذا المجال في عدة شركات وفنادق كـ «شيف حلويات»، وكذلك عملت على تنمية ورشة الحلويات حتى أصبحت أُقدم فيها أرقى وأفخم أنواع الحلويات العمانية والخليجية والعالمية الخاصة بالأعراس والمناسبات، وكذلك أقدم مختلف أنواع الطعام من كل بلدان العالم، وأصبح الكثير من الزبائن يشترون الحلويات كضيافة خارج الدولة لأصدقائهم، وشاركت في عدة معارض دولية للضيافة ومسابقات للطهي».
وكشف الشيزاوي «أنه في الوقت الحالي يعمل «شيف» واستشاريا ومطورا لعدة مطاعم في سلطنة عمان، ومازال يستثمر وقت إجازته باستقبال طلبات الحلويات وبعض المأكولات الساخنة في ورشته الخاصة». ويرى الشيزاوي أن الكثير من الشباب العمانيين اليوم سلكوا هذا المجال، فبعضهم أصبح من أكبر الطهاة في أرقى الفنادق بفضل استمرارهم وكفائتهم، وأعدادهم في تزايد مستمر وهذا شيء يثلج الصدر.
وأشار إلى أن أشهر الطهاة في العالم هم نماذج ناجحة وحققوا ثروة مالية ممتازة، والإيمان واليقين بما تصنعه يديك يوصلك دائما إلى نجاح الشيء الذي تعمل فيه.
التصميم والابتكارات التكنولوجية
أمجد بن هاشم البطاشي أحد الهواة الذين دخلوا عالم التصميم الجرافيكي، بدأ عمله بالتجارة في البيع والشراء وهو مازال طالبا في الكلية ورأى أن التصميم عامل تسويق مهم لأي تاجر لكي يبيع المنتج أو الخدمة التي يقدمها، ومن هنا بدأ البطاشي بتعلم التصميم ليعرض المنتجات بشكل مرتب في وسائل التواصل الاجتماعي، ولاحظ بعدها انغماسه وحبه في مجال التصميم وميوله لهذا الجانب بالرغم من اختلاف تخصصه الدراسي (هندسة مدنية)، ويقول: «إن الميول والشغف هو ما شجعني لأتعلم باستمرار حيث كنت أقوم بالتعلم وبشكل يومي من مقاطع تعليمية في الإنترنت واليوتيوب عن التصميم الجرافيكي، وبعدها قدمت خدمات مجانية في التصميم وفعلياً في 2020م بدأت بصناعة المحتوى لأصحاب المشاريع في موضوعات التسويق، وحصلت على أكثر من خمس شواغر وظيفية مباشرة بسبب المهارة التي اكتسبتها وإتقاني في هذا البحر، ولاحظت أن المجال فتح لي أبوابا كثيرة وفرص عمل فقررت بتأسيس شركة تخص مجال التسويق الإلكتروني والتصميم الجرافيكي، مضيفا: «أن الاستمرار في تعلم وصقل المهارة التي تمتلكها يفتح لك واقع جميل وممتع في الوقت نفسه، ويصبح العمل متقنا بحرفية وتميز عن ما يقدمه الآخرون».
تحضير القهوة
وعبر عبدالعزيز بن عبدالله الشيباني عن هواية تحضير القهوة المختصة بدأت معه من خلال التردد على المقاهي وقراءة الكتب المتعلقة بالقهوة بشتى أصنافها، مضيفا أن عالم القهوة أصبح اليوم يستهوي الصغار والكبار وهي كمتنفس لتصفية الذهن سواء بعد يوم متعب أو أثناء العمل، وتطورت الفكرة بإعداد القهوة المختصة وتحميصها في مشروع يختص بتحضير أصناف منوعة من القهوة، وفيما يتعلق بتحضير القهوة.
وأكد الشيباني أن العمل في المجال الذي تحبه دائما ما يكون مسليا ومثمرا، إضافة إلى أن الاستثمار فيه يعتبر أمرا ضروريا، وفي الوقت الراهن يرى أن المشروع أفضل من الوظيفة في القطاع الحكومي أو الخاص، ولكن إذا توفر العمل والمشروع معا فهذا أفضل، حيث إن بعض المشاريع تجلب رأس مال أكثر من الراتب الشهري للموظف، والأوضاع الحالية تحتم على الشخص التفكير في بدء مشروع حتى ولو كان على رأس عمله، ويأمل الشيباني بطموحه اللامحدود في امتلاك سلسلة مقاهي تنشر ثقافة القهوة المختصة في شتى محافظات سلطنة عمان.
ومن جانبها قالت سميرة اللواتية أخصائية نفسية: الكثير من الشباب الإناث والذكور يمتلكون العديد من الهوايات والمهارات التي قد مارسوها خلال مرحلة دراستهم منذ الصغر مثل الرسم والطبخ أو العزف، ولكن الأهم هل هذا الشاب يمتلك القدرة والتخطيط لتحويل تلك الهواية إلى مشروع مربح له ولأسرته!، يقول الباحثون والذين أجروا العديد من الدراسات بأن العمل في مجال الهواية يؤثر كثيرا على حياتهم، ويستنفذ الكثير من طاقتهم نظراً لشغفهم في ممارسة الهواية، مما يؤثر على حياته في قضاء الوقت الأكبر في العمل، وله نتائج ممتازة على صحتهم الجسدية والنفسية، وأضافت اللواتية بأن تحرير الهواية إلى عمل يرجع للفرد ذاته إن كان يستطيع بتخطيط مرتب وتوجيه سليم ينظم هذه الهواية بتوفر الأساسيات الضرورية التي توصله إلى النجاح والإبداع، وبالتالي هذا النجاح له الأثر الصحي الإيجابي على نفسيته وسلوكه.