من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة حصول زيادة جديدة في أسعار بعض المنتجات التي يتم تداولها في منطقة الخليج ومنها السيارات والمركبات بمختلف أنواعها. فأسعار بعضها تشهد زيادة يومية، في الوقت الذي توقفت فيه بعض الشركات الامريكية والأوروبية المصنعة للسيارت في إنتاج أنواع معينة منها، وخاصة الصغار منها، الأمر الذي يعطي الفرصة للوكلاء والأفراد باقتناء سيارات لشركات كورية وصينية وغيرها من الشركات العالمية الأخرى. المتابع لهذه القضايا يرى أن هناك قفزة في أسعار السيارات الجديدة في المنطقة والتي انعكست أيضا على أسعار السيارات المستعملة الصغيرة بنسب تتراوح بين 20 إلى 40 %، وخاصة على مركبات صغيرة نتيجة لارتفاع أسعار الوقود والقيمة المضافة، وتراجع التمويل، بالاضافة إلى المشاكل الناجمة في سلسلة التوريدات أسوة بما يحصل مع منتجات وسلع أخرى بسبب المشاكل في عملية التصنيع والتصدير والنقل.
لقد أصبح معظم المواطنيين في المنطقة يفضلون اليوم شراء سيارات خفيفة بسبب ارتفاع أسعارها وكذلك الخدمات ما بعد البيع، فيما يقل الطلب على السيارات الجديدة ذات الفئة الكبيرة والمستعملة أيضا بسبب الظروف الاقتصادية وتراجع مداخيل المواطنيين والعاملين في المنطقة. وهذه الحالة لا تتعرض لها دول المنطقة فحسب، بل ان عدة دول عربية أخرى تواجه نفس هذه المشكلة بسبب الطلب الزائد على السيارات الخفيفة المستعملة منها لتخفيف الاعباء المالية الشهرية للوقود.
اليوم، ان تعطّل وتراجع سلاسل الإمداد من المصانع الأصلية للسيارات والتي بدأت قبل أكثر من عامين بسبب جائحة كورونا وما تبعتها اليوم من نشوب الحرب الروسية الاوكرانية أثرت بشكل كبير على أسواق السيارات ليس على مستوى المنطقة الخليجية فحسب، بل على المستوى العالمي أيضا، فبعض الشركات الامريكية توقفت عن تصنيع أنواع معينة من السيارات وخاصة ذات السرعات الاربعة، بسبب تراجع عدد العاملين في تلك المصانع من جهة، وعدم جدوى الاستمرار منها بسبب قلة الأرباح الناجمة من بيعها مقابل الضمانات التي توفرها للمستهلك بعد شراءها للسيارة، ناهيك عن النقص في الحصول على الرقائق الإلكترونية التي تحتاج إليها السيارة في عملية التصنيع.
إن النقص الكبير في عدد السيارت الجديدة في المنطقة يؤثر بشكل كبير على اصحاب الوكالات الذين خصصوا الكثير من الخدمات والمعدات والاجهزة لتقديم الصيانة اللازمة للمستهلكين الجدد، فيما بدأ الكثير من المواطنيين بالاعتماد على السيارات المستعملة في الاستخدام وخاصة ممن استلموا أعمالهم لأول مرة، فيما استغل البعض هذا النقص في السيارت وقيامه ببيع سيارته الجديدة المحتجزة للآخرين ليربح في فترة قصيرة مبالغ جيدة من إعادة بيع سيارته الجديدة أو المستعلمة، في الوقت الذي بدأ البعض في عملية بيع السيارات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات الإلكترونية دون أن يتحمل مسؤولية الخدمة ما بعد البيع. ومن المحتمل أن تستمر هذه البيوعات الالكترونية نتيجة العرض والطلب لحين يتم تصحيح أوضاع الأسواق وتعود المصانع وسلاسل التوريد والعمل اللوجستي في تصدير الشحنات إلى سابق عهدها.
إن الحرب الدائرة بين روسيا والاتحاد الاوروبي وأمريكا من المؤكد ستكون لها تداعيات عديدة في التجارة الخارجية للدول وستؤدي حتماً إلى تعطيل سلسلة التوريدات الصناعية وسيكون لها آثارا سلبية على صناعة السيارات وغيرها من الصناعات الأخرى مستقبلاً.