ها هي الوفود الصحفية العالمية وصلت تباعًا إلى السلطنة للمشاركة في مؤتمر الاتحاد الدولي للصحفيين “الكونجرس” الصحفي الذي سوف يبدأ أعماله مساء اليوم بمركز عُمان للمؤتمرات والمعارض الدولية تحت رعاية سُّمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان.
لقد سبق لجمعية الصحفيين العمانية أن نظمت عدة مناسبات ولقاءت مماثلة للأعمال الصحفية منذ أن تم تدشينها عام 2004؛ حيث عَملت في العام التالي على تقديم طلبها بالانضمام إلى اتحاد الصحفيين العرب بالقاهرة والاتحاد الدولي للصحفيين ببروكسل. وقد جرى أول اتصال بالمسؤولين في الاتحاد الدولي للصحفيين من خلال مشاركة الجمعية في نشاط صحفي أقيم بمملكة البحرين الشقيقة. وهنا لا ننسى الدور الكبير الذي لعبه الزميل علي بن خلفان الجابري رئيس جمعية الصحفيين العمانية الأسبق في هذا الأمر؛ حيث تشرفتُ بمصاحبته في هذه المهمة التي التقينا بها بالمسؤولين في الاتحاد الدولي للصحفيين لغرض الانضمام ونجحت الجمعية في ذلك، ومن ثم اكتملت المهام في الإدارات اللاحقة للجمعية عندما استلم المهمة بعدها الأخ عوض باقوير الرئيس السابق للجمعية، ويعززها اليوم الأخ الدكتور محمد بن مبارك العريمي الرئيس الحالي للجمعية، والذي تمكن مع فريقه اللامع من تنظيم هذا المؤتمر الذي يعد اليوم أكبر حدث تشهده المنطقة الخليجية والعربية.
لقد تشرفتُ بالمشاركة في مثل هذا “الكونجرس” الذي عقد في إحدى الجزر الإسبانية قبل عدة سنوات عندما استلمتُ ملف الاتحاد، إضافة إلى حضوري وأعضاء الجمعية لبعض الأنشطة الصحفية للاتحاد التي عقدت في المملكة المغربية، بجانب زيارة المسؤولين في بروكسل.
فالعمل مع مثل هذه المنظمات الدولية يحتاج إلى الكثير من الصراحة والشفافية بحيث إن الصحفيين والإعلاميين هم أكثر تحدثًا وانتقادًا لأي أمر يرونه ضارًا وغير صحي؛ الأمر الذي يتطلب من الحكومات أن تنشر أجواء حرية الرأي والتعبير والنشر لتحقيق مزيد من التنمية في دولها، وضرورة دعم الصحفيين والإعلاميين لتطوير العمل الصحفي مع الآخرين وتعزيز العلاقات وتبادل الخبرات فيما بينهم.
فهذا المؤتمر يعطي اليوم فرصة كبيرة للوفود الصحفية القادمة من مختلف دول العالم لتقف على أوجه التنمية الاجتماعية والاقتصادية التي تحققت في السلطنة خلال العقود الخمسة الماضية بالإضافة إلى معرفة المزيد من المؤسسات الصحفية والإعلامية المتواجدة في البلاد وكذلك تقييم الحريات التي تمارس في البلاد في وجود هذا الكم الهائل من وسائل التواصل الاجتماعي بجانب الصحف والقنوات الإذاعية والمرئية التي تتناول في كل لحظة وبكل حرية القضايا التي تهم المجتمع العماني والعربي والعالمي دونما أية حواجز.
ومن هنا يستغرب المرء صدور تقارير من بعض المؤسسات الصحفية الدولية كتلك التي أصدرتها منظمة “مراسلون بلا حدود” مؤخرًا عندما وضعت السلطنة في المرتبة رقم 163 ضمن 180 دولة تناولت الحريات الصحفية بها. ونحن كصحفيين نرى أن ذلك يمثل إجحافًا في حق الصحافة العمانية، والوضع الصحفي والإعلامي في البلاد، فيما نرى أن هذه الوفود الصحفية المتواجدة في البلاد ستكون لها تصنيفًا آخر تجاه الواقع الصحفي في السلطنة.
وليس من العيب أن تقوم جمعية الصحفيين العمانية بمعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا التقييم من قبل منظمة “مراسلون بلا حدود” لتقف عليها، وتقوّم الأخطاء التي ارتكبت في حق الصحافة والإعلام إن كانت مقنعة، مع تقديم الطلب بأن تصبح الجمعية عضوًا في هذه المنظمة أيضاً إن كان ذلك لا يخالف قوانين الاتحاد الدولي للصحفيين. ويبدو أنَّ منظمة “مراسلون بلا حدود” قد حصلت على معلومات مضللة وليست من المصادر التي يمكن الاعتماد عليها، خاصة من المؤسسات التي لا تدرك واقع الصحافة والقوانين السارية في البلاد والتي تؤكد على أهمية التعبير، مثلما وردت في النظام الأساسي للدولة في المادة رقم 35 والتي نصت على أنَّ “حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون، فيما نصّت المادة رقم 37 على أن “حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة وفقًا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الكراهية أو يمس بأمن الدولة أو يسيئ إلى كرامة الإنسان وحقوقه”.
فعُمان من الدول التي تنادي بالسلام العالمي، وتتميز بأنها من أكثر الدول التي تعمل من أجل نبذ التفرقة، ومحاربة العنصرية، والعمل على تقريب المذاهب والابتعاد عن الشحناء والبغضاء. فقد اعتاد المجتمع العماني منذ القدم على التسامح والتعايش ونبذ ما يدعو للخلاف والفرقة والشقاق. ومن هذا المنطلق أشار الادعاء العام في قوانينه بفرض عقوبة تصل للسجن 10 سنوات على كل من يروج أو يثير النعرات أو الفتن التي تؤثر على نسيج المجتمع العماني، في الوقت الذي يؤكد القانون على تجريم كل فعل يروج لمثل هذه الأفعال.
مرة أخرى نرحب بإخوتنا الصحفيين في بلدهم الثاني عُمان راجين أن يقرأوا المزيد عن هذه الدولة التي تعمل من أجل السلام والوئام في العالم دون أي ضجيج إعلامي من جهة، وتحمي في الوقت نفسه حريات الآخرين وحقوقهم ومحاربة الفساد، مع منح حرية الرأي والتعبير للجميع من خلال إعطاء مساحة كبيرة للنشر لدفع عجلة التنمية في البلاد من جهة أخرى.