Image Not Found

التقاعد بين الاستمتاع والتحديات

حيدر اللواتي – لوسيل

يتفق الجميع أن التقاعد من العمل يعد وقتاً مثيراً للكثير من الأفراد بعد فترة عمل لأكثر من ثلاث أو اربعة عقود متواصلة. ففي التقاعد يصبح لدى الشخص حرية ووقت مناسب في متابعة اهتماماته الشخصية، أو السفر او الكتابة بجانب الاستمتاع بمختلف جوانب الحياة الاخرى، فيما يمثل التقاعد للبعض تخوفاً وتحدياً لأنه يفتقد الكثير من الامتيازات المادية والمعنوية التي كان يحصل عليها في العمل، بجانب تعوده في العمل على الروتين اليومي، الأمر الذي يصبح لبعض الرجال أمراً صعباً.

فالتقاعد يجلب لبعض الاشخاص مشاكل مالية واجتماعية وعُقدا نفسية احياناً بسبب تراجع مداخليهم الشهرية التي اعتادوا الحصول عليها من مؤسساتهم السابقة، وكذلك الأهمية الاجتماعية التي كانوا يتحلون بها من قبل المواطنين. كما نرى أحيانا هناك تذمرا من قبلهم نتيجة عدم مواءمة ما يحصلون عليها مع مال مع متطلبات الحياة، الأمر الذي يؤدي بالمؤسسات الرسمية أحيانا ببحث مطالبهم وإقرار زيادة سنوية في رواتبهم لمواكبة التضخم السنوي. وهذا ما تم اتخاذه مؤخرا في دول قطر الشقيقة وقرار أميرها الشاب سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني برفع رواتب المتقاعدين لتصل في الحدود الدنيا إلى 19 ألف ريال قطري بعدما كانت في حدود 15 ألف ريال. كما تعمل بعض المؤسسات على استضافة المتقاعدين – وهم أصحاب خبرات عديدة – للتحدث في بعض المنتديات والمؤتمرات للاستفادة من جوانبهم العلمية والأدبية والفنية.

والدول تقوم بين فترة وأخرى بتقديم مزايا للمتقاعدين من خلال إصلاح القوانين التي تهم هذه الفئات، بجانب قيامها بحملات توعوية للاستفادة من خبراتهم في شؤون الحياة، وحث المؤسسات الخاصة بتخصيص مزايا معينة للمتقاعدين للحصول على خصومات في العلاج والسفر والترفيه وغيرها من الخدمات التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية. ورغم ذلك، هناك فئات منهم تشعر بخطر الملل والشعور بعدم تحقيق الأهداف، الأمر الذي يؤدي إلى اصابتهم بالاكتئاب وتعرضهم إلى مشاكل صحية بسبب التفكير السلبي المستمر في هذا الشأن.

فالتحدي الأكبر في التقاعد هو تعريف الشخص نفسه بشكل بسيط من حيث أدواره وأنشطته وما يفعله، فيما يَعد قبول الذات هو إحدى أعظم هدايا الحياة اللاحقة. فمع التقاعد يزداد الوقت الذي يقضيه المرء بدون عمل، وهذا ما يؤدي أحيانا إلى الاخلال بالتوازن، وفي كيفية استغلاله للوقت بصورة إيجابية والبُعد عن التوترات، وكيفية التكيف مع الوضع الجديد. فالبعض منهم يخطط ويتخذ قرارات للاستفادة من أي أمر إيجابي متاح له ولحياته اليومية. فهناك الكثير من الأبحاث تظهر أن الأشخاص الذين يتعاملون بشكل أفضل مع التقاعد هم أولئك الذين يظلون نشيطين ومشاركين في الكثير من شؤون الحياة، من خلال تطوير هواية قديمة لديهم أو البدء في هواية جديدة، بجانب الاستمرار في الحفاظ على النشاط البدني من خلال المشي والسباحة والذهاب لممارسة الرياضة، والدخول في الأعمال التطوعية والمجتمعية. أما الذين يدفعوا أنفسهم بالشعور بالوحدة والعزلة فهذا يؤدي بهم باصابتهم بعدة أمراض وخاصة في مرحلة الكبر والتقدم في السن، الأمر الذي يتطلب منهم بذل الجهد للبقاء مع أفراد العائلة من الأولاد والأحفاد، والاتصال مع الاصدقاء، والمشاركة في طرح الافكار والعمل في المهارات التي يمتلكها الفرد لتمضية الوقت بكل نجاح.