د. تيمور البلوشي: إعادة بناء الجمجمة عملية معقدة تتطلب الكثير من الدقة والتخطيط
“عمان”: أكد الدكتور تيمور بن أمير البلوشي استشاري أول جراحة الوجه والجمجمة بمستشفى خولة أن إعادة بناء الجمجمة (رأب القحف) هو إجراء معقد يتطلب الكثير من التفاني والتخطيط لتحديد أفضل طريقة لإعادة بناء الجمجمة بطريقة مقبولة من الناحية التجميلية والوظيفية للمريض مشيرا إلى أن صنع الجمجمة بمواد اصطناعية إحدى الطرق الأساسية للقيام بذلك.
وكان فريق من قسم جراحة التقويم والتصحيح والحروق وجراحة الوجه والرأس بمستشفى خولة أجرى عملية جراحية لترميم وزراعة جمجمة مريض عبر مواد مصنعة محليا بالتعاون مع شركة “كيورتك” بقيادة الدكتور تيمور بن أمير البلوشي وبمساعدة الدكتور معاذ عبد الحميد جراح اختصاصي.
ورغم أنه تم إجراء هذه العمليات في بمستشفى خولة على مدار السنوات الخمس الماضية؛ إلا أن ما ميز الحدث هذه المرة هو وجود شركة عمانية تصنع هذه الزراعات مما يساهم في تقليل الوقت والتكلفة بالنسبة للمريض والجراحين.
وقال الدكتور تيمور: يعد اختيار مواد التصنيع التي يمكن أن تستمر لفترة طويلة، وتكلفة المواد، وخدمة بناء نموذج ثلاثي الأبعاد، وتوفر الخبرة الجراحية من المتطلبات الضرورية.”
وأشاد الدكتور تيمور بدور وزارة الصحة في تحقيق هذا النوع من الإنجازات الإنسانية والمهنية” بمساعدة وزارة الصحة والمديرية العامة لمستشفى خولة، وقال “نقوم بمثل هذه العمليات على مدار السنوات الخمس الماضية، ولكن يتم بناء العظام ثلاثية الأبعاد في الخارج واستيرادها لإعادة بناء الجمجمة، وعادة كل تلك الإجراءات تستغرق بضعة أشهر بالإضافة إلى التخطيط الجراحي لإعداد المريض وما إلى ذلك وبالتالي تأخذ عملية إعادة بناء الجمجمة ما لا يقل عن ٦ أشهر لتقديم مستوى عالٍ من الرعاية والنتائج المتميزة.”
وتحدث الدكتور تيمور حول دقة وتعقيد هذا النوع من العمليات قائلا: إن إعادة بناء الجمجمة عملية معقدة ويتم إجراؤها بعناية فائقة من خلال فريق متكامل من جراحي الوجه والرأس وجراحة الأعصاب وأطباء التخدير المختصين والتمريض، حيث تستغرق الجراحة نفسها 3-4 ساعات ويذهب المريض بعد الجراحة إلى وحدة العناية المركزة للمراقبة لمدة تصل إلى 24-48 ساعة – وتنتهي العملية بنتيجة تجميلية متميزة مع جمجمة ذات مظهر طبيعي تقريبًا بدون أي تشوّه. والجزء الأكثر أهمية في عملية إعادة بناء هذه الجمجمة بالتحديد هو استخدام زراعة ثلاثية الأبعاد مصنوعة محليًا بعد أن كنا نستوردها من الخارج.
وأضاف” بخلاف التحدي الجراحي، كان هناك تحد آخر وهو إقناع وزارة الصحة بإمكانية إجراء هذه العملية عن طريق شراء التجهيزات المطلوبة لها من المصنعين المحليين، حيث إن الوزارة تضع معدل الجودة والسلامة والمأمونية نصب أعينها قبل كل شيء وكذلك كسب ثقة العامة بشأن السلامة الجراحية وتوفر الجراحين المهرة والزرع والتأكيد على إمكانية إجراء هذه العمليات لتوفر الخبرة في السلطنة، وبالتالي تقليل الوقت والتكلفة العالية لأدوات الزراعة التي يتم شراؤها من قبل وزارة الصحة لمثل هذا النوع من العمليات الجراحية.” وقال” أشعر بالفخر لقدراتنا والدعم المقدم لنا من قبل وزارة الصحة من أجل مصلحة المرضى العمانيين، فنحن أحد أفضل مراكز جراحة الوجه والرأس في دول مجلس التعاون الخليجي حيث تتم مثل هذه الإجراءات المعقدة مجانًا للمواطن العماني، فتكلفة هذه العمليات في الخارج لا تقل عن 15000 ريال عماني، لقد صنعنا تاريخًا بمساعدة شركة كيورتك العمانية لجعل عملية الزرع محلية الصنع لتصبح عملية سهلة وأكثر فعالية من حيث التكلفة.”
وأضاف” توفير الزرع القحفي المطلوب، سيكون أسهل بكثير وأسرع وأقل تكلفة كما يمكننا من توسيع خبرتنا ودعمنا لدول مجلس التعاون الخليجي الأخرى لتتبع خطانا لتطوير الخبرة المحلية لديهم في المجال، وفيما يتعلق بالمساعدة الجراحية والدعم فإن فريقنا جاهز دائمًا لتدريب أي فرق جراحية من الدول الأخرى خاصة في الشرق الأوسط.
فجوات الجمجمة
من جانب آخر شرح أحد أعضاء الفريق الجراحي الذي أجرى العملية وهو الدكتور خليفة بن محمد العلوي طبيب بالبرنامج التأسيسي العام بالمجلس العماني للاختصاصات الطبية أهمية العملية حيث قال: إن تركيبة الجمجمة معقدة وبالكاد تكون جمجمة كل شخص كالبصمة من حيث الاختلاف.
والفجوات في الجمجمة تنجم عن عدة عوامل، منها حوادث السيارات، حيث إن بعض ضحايا الحوادث يتعرض لكسور معقدة في الجمجمة وبالتالي حدوث فجوة مع مرور الوقت، كما قد تنجم عن هذه الفجوة مضاعفات لعمليات الدماغ حيث يتعرض بعض المرضى لارتفاع في ضغط الدماغ، وبما أن الدماغ محصور بداخل الجمجمة فإنه لا يجد متنفسا، مما قد يؤدي هذا الضغط لتلف الدماغ.
وكعلاج لهذه الحالات الطارئة قال الدكتور خليفة العلوي: يقوم جراحو الأعصاب بقطع جزء من جمجمة الإنسان لتحرير الضغط المتكون بداخل الجمجمة وإنقاذ حياة المريض. لكن كمضاعفات لهذه العملية قد يصعب ترميم الجمجمة من جهة العظم المقطوع وبالتالي تتكون الفجوة.
وتابع: قسم جراحة التجميل والترميم بمستشفى خولة يحتوي على وحدة مختصة بجراحة الجمجمة والوجه بقيادة الاستشاري أول دكتور تيمور البلوشي، وليس هذا هو الإنجاز الأول والوحيد حيث إن لهذه الوحدة باعا طويلا في علاج وترميم الحالات المستعصية من تشوهات الجمجمة والوجه، وإحدى الحالات التي يعالجونها هي فجوات الجمجمة.
وأضاف: تتعدد طرق ترميم فجوة الجمجمة، منها ترميم الجمجمة بعظم مستخلص من جسم الإنسان، أو ترميمه بزراعة مصنوعة من مادة التيتانيوم. لكن لكل من هذه الطرق مضاعفاته؛ لذلك توجه العلم لاستخدام زراعات جراحية مصنوعة من مادة البييك PEEK. حيث اعتاد جراحو التجميل على استيراد هذه الزراعات من دول أوروبية.
وأضاف: ساهمت الشركة بتطوير هذه الزراعات وصناعتها محليا مما ساهم في توطين الصناعات الطبية، فالصناعات الطبية تتطلب الكثير من البحث الشاق والتطوير. وكذلك توجد الكثير من الضوابط والقوانين التي يجب أن تلتزم بها الشركات الطبية للسماح لها بمباشرة عملها، لذلك عمل المؤسسون لشركة كيورتيك بتفان مع وزارة الصحة لتحقيق كل المتطلبات للحصول على تصريح صناعة طبية.
وعن التحديات التي واجهتهم كفريق عمل قال : ربما تبلورت التحديات بداية في تطوير المنتج بتقنيات تضمن مأمونيته للاستخدام الجراحي. بطبيعة الحال لا توجد جامعة أو كتاب أو أي مرجع آخر يشرح كيفية صناعة هذا النوع من الزراعات الجراحية بالتفصيل، لذلك تطلب منا تطوير طرقنا الخاصة في التصنيع، ومن ثم إخضاع هذه الطرق والمنتج لاختبارات الجودة والتدقيق بما يضمن كفاءته.
جودة عالية
علق الرئيس التنفيذي لشركة كيورتك عبدالمنعم بن صلاح اللواتي “القطعة المُصنّعة وفق مواصفات وجودة عالية تتناسب طبيًّا مع خواص العظام حيث إنه جرى تواصل وتنسيق مكثف ومباشر مع الجراحين القائمين على العملية الجراحية بمستشفى خولة وإدارة المستشفى وأشار إلى آلية التصميم والتصنيع التي تتم بشكل مخصص لكل مريض؛ بعد الحصول على الصور المقطعية وأيضا وصفة الجراح وفي الأخير الموافقة على التصميم النهائي”.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة كيورتك على أن الشركة تستند على نظام إدارة الجودة ايزو 13485 وايزو 10993 لتقييم الأجهزة الطبية للاستخدام البشري.