Image Not Found

وصفة للفشل المتكرر!

Visits: 8

محمد بن رضا اللواتي – الرؤية
[email protected]

يعلم خبراء الموارد البشرية جيدًا، أنه عندما يفتقد المنصب- أيًا كان ابتداءً من وظيفة التنظيف وإعداد كوب الشاي إلى وظيفة رئيس تنفيذي أو مسؤول كبير في وزارة ما- إلى نظام مُراقبة الأداء، مبني على مؤشرات قياس الأداء KPI ومن ثمَّ المحاسبة عليها، بحيث يترتب التكريم على الإنجازات ويترتب أثر مُناسب على الإخفاقات، عندما يفتقد المنصب هذه الحزمة من الضروريات، عندها من غير المتوقع أن تحدث تغييرات حقيقية في الأداء، وبالتالي تتكرس حالة الفشل المُتكرر حتى تصبح مع مرور الوقت هي النجاح نفسه!

في الإخفاقات الحكومية، يلعب الإعلام في الدول المُتقدمة دور المحاسب والمسائل، في حين يتحوَّل في غيرها من الدول إلى أداة تصفيق ومديح، حتى يفقد بريقه تماماً وثقة الشارع فيه، وهذا يُفسر لنا نجاح Twitter؛ حيث أخفق الإعلام.

عندما أقامت الرؤية منتدى عُمان للموارد البشرية في نسخته الأولى، هذا في عام 2018، خرج المنتدى بتوصيات منها وضع إطار لحوكمة قطاع تنمية الموارد البشرية، وكان سعادة السيد وكيل وزارة الخدمة المدنية السابقة قد أشار في خطابه الافتتاحي بأن وزارته عن قريب ستعمل على ضخ مُؤشرات قياس الأداء في القطاع العام، وإلى هذه اللحظة، وربما لظروف قاهرة، لا يبدو أنَّ هذه المؤشرات قد تم وضعها في حيز التنفيذ. الأمر الآخر المسبب للفشل المتكرر، إعادة وتجديد الثقة- عوضاً عن حجبها- في الفاشلين، وإذا بهم رغم الفشل المتكرر يظلون في مواقعهم الريادية، وبغياب حُزمة قياس الأداء والمحاسبة، وتوالي منح الثقة على عدم الإنجاز، لن تراود صاحب المنصب، وإن للحظة، فكرة تُنبهه بأنَّ منصبه بات على المحك، وأنه يوشك أن يرحل عنه. لن تراوده هكذا فكرة أبدًا، وهكذا يكون المنصب قد بات بالنسبة له ما يُسمى بـ”المنفى الوظيفي”، وهذا المصطلح يطلقونه على منصب لا أثر فيه على أدنى مؤشر يدلك على: متى ترحل عنه وكيف ولماذا؟

اتخذت بعض بيوت صياغة مؤشرات قياس الأداء فشل الفريق الألماني لكرة القدم في دورتين متتاليتين- كأس العالم الفائتة وكأس الأمم الأوروبية الأخيرة- اتخذته (دراسة حالة Case Study) لأجل معرفة أسباب الفشل الذريع الذي مُني به على التوالي، والتي يُمكن تلخيصها في نقطتين:

الأولى: رفض المدرب وإصراره على عدم ضخ الدماء الشابة في فريقه، والاكتفاء بمن حققوا الإنجاز في السابق للاعتماد عليهم رغم ما ظهر له من عجز هؤلاء وسقوطهم المريع على وقع أقدام شابة من فرق مُتواضعة للغاية من قبيل كوريا الجنوبية والمكسيك.

الثانية: تجديد الثقة رغم الفشل، وقع فيه الاتحاد الألماني لكرة القدم، إذ لم يكن بمستوى اتخاذ قرار تغيير المدرب رغم الفضيحة المدوية، وإذا به يُعيد الثقة فيه! لقد بُنيت الثقة على الفشل، وهذه من أشد أخطاء إدارات الموارد البشرية.

إذن وصفة الفشل المتكرر تتكون من غياب مؤشرات قياس الأداء والعمل وفقها، وغياب القدرات الشابة، وأخيرًا عدم حجب الثقة عن أصحاب الفشل الذريع فيما أُنيطت بهم من مهام.

أذكرُ أن مختبر الكفاءات الوطنية، والذي كان عنوانا لمنتدى عمان للموارد البشرية في نسخته الثانية، والذي تقيمه الرؤية سنويا، قد جاء في خطابها الافتتاحي بأن العقدين القادمين من عمر السلطنة سيقوم على بنود رؤية عمان 2040م، وبقي أن نتأكد ما إذا كُنا نمضي في الطريق الصحيح أم لا، هذا باختبار توفر نقطتين هامتين: وجود الدماء الشابة، وكونها محاطة بمؤشرات قياس الأداء والتي بموجبها تُمنح الثقة أو تُحجب.