Image Not Found

خسائر السياحة والدور المُقبل للمؤسسات الصغيرة

Visits: 15

حيدر بن عبدالرضا اللواتي – الرؤية

[email protected]

ليس من المُستغرب أن تصل خسائر القطاع السياحي في السلطنة منذ بدء جائحة كوفيد 19 وحتى اليوم إلى نحو نصف مليار ريال عُماني (1.3 مليار دولار أمريكي) أو ربما أكثر من ذلك، غير تلك الخسائر التي أدت إلى تعثر وتعطل وإفلاس بعض المؤسسات الصغيرة المرتبطة بهذا القطاع الحيوي، والتي كانت تقدّم بعض الخدمات التي يحتاج إليها السياح في عملية الضيافة والتنقل والشراء والطعام وغيرها. وخلال الفترة القادمة يمكن تقييم الخسائر التي لحقت بالمؤسسات التجارية الأخرى، في الوقت الذي تمكّن البعض من تحويل فترة الوباء إلى فرص وعمل لتحقيق المزيد من الأرباح. وهذا هو الحال في كثير من الدول التي ما زالت تُعاني من آثار الوباء.

خسائر القطاع السياحي كشفت عنها وكيلة وزارة التراث والسياحة في المؤتمر الصحفي الأخير للجنة المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا، مع ذكر بعض التفاصيل المتعلقة بالعاملين العمانيين في هذا القطاع، والذين تمكنت الوزارة المعنية من الاحتفاظ بهم والبالغ عددهم 5700 عامل.

السلطنة كسائر دول العالم الأخرى تعرضت لخسائر كبيرة منذ بدء هذه الجائحة وحتى اليوم، حيث زاد تفشي وباء كورونا من المصاعب والتحديات للاقتصادات الخليجية، مع تراجع أسعار النفط بصورة كبيرة خلال نفس الأشهر الماضية بسبب إغلاق المؤسسات العالمية العاملة في مجالات النقل والسفر والضيافة والفندقة وغيرها بالإضافة إلى الحظر المنزلي للقادمين، الأمر الذي ترك آثاراً سيئة على الاقتصادات. ولا نشك بأنَّ قرارات الحظر والإغلاق كان لابد من اتخاذها بسبب تفشي الوباء بصورة كبيرة بين الناس، حيث مازالت آثاره كبيرة في حال التراخي وعدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية من الوباء.

الجهات المعنية من جانبها تسخّر جهودها لإعادة تشغيل القطاع السياحي وغيره من القطاعات الأخرى بصورة فعالة، مع إعطاء هذا القطاع دفعة جديدة من خلال السماح بإصدار تأشيرات سياحية لدخول السلطنة لمواطني 103 دول من ضمنها مواطني بعض الدول العربية، وإعفائهم من تأشيرة الدخول لمدة عشرة أيام وفقاً لضوابط معينة، وبشرط وجود التأمين الصحي وتذكرة عودة وحجز فندقي مسبق ومؤكد، وتمكينهم أيضاً من القدوم إلى البلاد عبر أفواج سياحيّة منظمة من قِبل الفنادق والشركات السياحية.

ورغم إيجابية هذه القرارات، فإنَّ الشركات الكبيرة هي التي سوف تستفيد من ذلك باعتبارها من المؤسسات التي تملك الفنادق الكبيرة والراقية، والتي تتمتع أيضاً بتسهيلات وخدمات الاستقبال في المطارت، وتأجير السيارات والتنقل بالباصات، وما تملك من استراحات ومُنتجعات ومطاعم خاصة بها. وهذا بالتالي لا يُعطي الفرصة لأصحاب المؤسسات الصغيرة للدخول في هذا المُعترك، اللهم إن كان حصل هناك تعاون من المؤسسات الكبيرة مع أصحاب المؤسسات الصغيرة في استغلال ما لديهم من خدمات خاصة في هذا الشأن. فالكثير من العمانيين تتوفر لديهم وسائل النقل والاستراحات والضيافة، وينتظرون حصول هذا التعاون معهم ليستفيدوا من قدوم السياح إلى البلاد خلال الفترة المُقبلة.

من جانبها تعمل وزارة التراث والسياحة على دعم توجهات العمانيين من خلال تقديم خطة التعافي لهذا القطاع السياحي وسلامته بجانب العمل على استدامة الموارد البشرية العاملة من خلال تقديم التدريب والتأهيل لهم، وتطوير البرامج السياحية في عمليات التسويق السياحي لتحفيز هذا القطاع للقيام بدوره خلال المرحلة المُقبلة من تدشين الخطة الخمسية المقبلة والرؤية الاقتصادية عُمان 2040، ليأخذ هذا القطاع دوره المرجو في سياسة تنويع مصادر الدخل القومي.

لقد تراجع العمل في القطاع السياحي خلال الأشهر الماضية بحيث انخفض أعداد النزلاء في الفنادق إلى النصف تقريباً مع نهاية الربع الثالث من العام الحالي، وهذا ليس بمستغرب في هذه الجائحة، خاصة وأنَّ العدد الأكبر من النزلاء هم أصحاب البلد في المرتبة الأولى يليهم الأجانب من دول أوروبية وخليجية وجنسيات أخرى. وقد أدى تنقلّ العمانيين في جولات السياحة الداخلية ليكتشفوا مزيدا من المقومات السياحية التي تتمتع بها البلاد، الأمر الذي يُعزز من استدامة هذا القطاع في مثل هذه الأوضاع المواتية وغير المواتية.

إنَّ تفشي فيروس كورونا ما زال له تأثير وثقل على القطاع السياحي في البلاد أسوة بما تواجهه الواجهات الاقتصادية والسياحية العالمية. فهذا القطاع ما زال يلعب دوراً كبيراً في الاقتصاديات العالمية. وعلى المستوى المحلي فقد تمَّ اختيار القطاع السياحي في برنامج “تنفيذ” ضمن القطاعات الخمسة التي يمكن الاعتماد عليها في سياسة التنويع الاقتصاي خلال المرحلة المقبلة. كما يمثّل هذا القطاع مورداً مهماً وعاملاً حيوياً في تشغيل القوى العاملة في مختلف المشاريع التي تقام في هذا القطاع. ويتوقع له أن يشهد نمواً جيداً بعد عودة الحياة إلى طبيعتها، وفي ضوء القرار الذي تمَّ اتخاذه بإعفاء مواطني أكثر من مئة دولة بزيارة السلطنة لفترة وجيزة. ومع إيجاد وتوفير اللقاحات لفيروس كورونا، فإنَّ بعض التغيير الإيجابي سوف يلحق بالسياحة، في الوقت الذي يتهيأ فيه هذا القطاع مع قدوم السنة الجديدة بتقديم عروض وأسعار تشجيعية للمُواطنين والمقيمين في البلاد لجذب المزيد من أفراد العائلات لتنشيط السياحة الداخلية.

وفي الوقت يتهيأ الجميع للتعامل مع هذا القطاع بصورة إيجابية، فإنَّ العمل جارٍ على طمأنة الجميع بأنَّ السلطنة بالسلام الذي تنعم به، وبمقوماتها السياحية العديدة تعمل أيضًا على اتخاذ جميع الاحتياطات والاحترازات للحفاظ على سلامة المواطن والسائح في آن واحد. وأن التنوع الجغرافي لعُمان يُعطي الفرصة للسائح بأن يشاهد ويستمتع بالكثير من المقومات السياحية التي تفتقدها دول عديدة في المنطقة وخارجها. ومع تعزيز مزيد من الرحلات الجوية من وإلى السلطنة فإنَّ السياحة على موعد مع تحقيق مزيد من التطورات الإيجابية خلال المرحلة المقبلة.