Image Not Found

“بسطة حسن” حمادة تُلهم العُمانية فاطمة اللواتي روايةً

Visits: 57

صحيفة صبرة – القطيف: ليلى العوامي

عندما بحثت الكاتبة العمانية الدكتورة فاطمة أنور اللواتي عن فكرة لروايتها الجديدة، لم تجد أفضل من سيرة الشخصية القطيفية “حسن آل حمادة” صاحب البسطة التي تحولت من بيع اللوز (البيذام)، إلى بيع الكتب في المهرجانات والمناسبات العامة، إلى أن أصبح معروفاً في الأوساط القطيفية والثقافية.

تصف اللواتي تجربة الاعتماد على شخصية آل حمادة بـ”الفريدة من نوعها” على مستوى دول الخليج. تقول “تجربة حسن آل حمادة تتمثل في مساعيه في حمل الكتاب إلى القارئ، ليتعرف عليه عن قرب، ويقيم معه علاقة خاصة، تلك العلاقة فتحت آفاقاً واسعة في عالم الكتب للكبار والصغار، لتقول لهم: ها هو الكتاب بين أيديكم؛ فلنكتشف معاً أعماقه.”

اللواتي، التي تعرفت على شخصية حسن بالمصادفة، لم تجد بداً من الاتصال به، لتتعرف منه على المزيد من التفاصيل التي ساعدتها في بناء الحبكة الدرامية للرواية الجديدة، بعد الحصول على موافقته في تحويل سيرته الذاتية إلى قصة.

حسن اليافع

في التفاصيل، تقول اللواتي لـ”صبرة” “سيرة آل حمادة وتفاصيل حياته، استحوذت على اهتمامي، وقررت أن أستعين بها في بناء الحبكة الدرامية للرواية الجديدة، التي بدأت في كتابتها في مايو الماضي واتمتها في يوليو الماضي، وجاءت في 136 صفحة، موزعة على 19 فصلاً، وتحمل عنوان “بسطة حسن”.

تستعرض فاطمة في هذه الرواية بعض المواقف من حياة حسن اليافع، وتمتزج بأحداث من نسج خيالات المؤلفة على بسطة روائية شائقة، تستمد روحها من “بسطة حسن”. وتعرض لليافعين تجرِبة ثرية، متداخلة مع التاريخ، مصحوبة بصور ممتعة من التراث الماضي القريب…

عن الراوية

تضيف الكاتبة “قصة حياة حسن اليافع أتاحت لي أرضية خصبة لحياكة أحداث قصصية خيالية ثرية، يأتي ثراؤها من اللغة، التي حاولت عبرها أن تكون الأحداث منسجمة مع أحداث وزمن الرواية، مصحوبة بإضاءات تراثية نابعة من الماضي القريب، وتحديداً فترة الثمانينيات من القرن الماضي، حينما كان حسن طفلًا يافعًا”.

وتؤكد أن بعض أحداث الرواية تم حبكها – سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر – ومنها تلك التي كان يذكرها حسن عن طفولته، فعلى سبيل المثال، كيف كان حسن يبيع اللوز والكنار، وكيف كان يصيد الطيور مع أصدقائه، ثم يبيعونها في سوق الخميس، وكيف نبعت لديه فكرة “بسطة حسن”.

ساعدت هذه الأحداث المتعددة فاطمة اللواتي في “حياكة حبكات قصصية خيالية عدة، كما أن الرواية تقدم لليافعين رحلة الإصرار التي استقت خيوطها من قصة مصورة للأطفال، كانت بمثابة أول كتاب يقع في يد حسن آل حمادة، وهو يافع، وهي قصة “العنزات الثلاث”، لتكون محور الرواية ولتدور حولها الكثير من الأحداث”

حسن آل حمادة

عمل قصصي

تقر اللواتي بمساعدة حسن آل حمادة لها “هذا أول عمل قصصي استطعت أن أنجزه في فترة قصيرة، ويعود الفضل في ذلك في الأساس إلى حسن نفسه، لأنه كان متجاوباً بشكل كبير، فقد كان يجيب عن أية تساؤلات تبرز لدي، وهذا التجاوب ساعدني على أن أحيك حبكات منسجمة مع البيئة والزمان، والأمر الثاني هو أن فترة جائحة كورونا جعلتنا نعتزل العالم، ونقبع في البيوت، الأمر الذي أمدني بالوقت الكافي لإنجاز الرواية، ولا ننسى بركات شهر الله العظيم؛ رمضان المبارك، الذي تداخل مع فترة الكتابة، فقد أتاح لي فرصة جميلة خصوصاً في وقت الفجر بعد السحور للكتابة والتأمل في أحداث الرواية”.

كيف ولدت قصة البسطة؟

تكشف اللواتي عن بداية تعرفها على سيرة حسن آل حمادة “قبل سنة أو أكثر، قرأت في إحدى مجموعات “واتساب” التي اشترك فيها مع بعض الأخوة والأخوات من المملكة العربية السعودية، عن بسطة حسن، سألت مدير الجروب حول البسطة، كنت أتخيلها بسطة كتلك البساطات المتعارف عليها في بعض الدول العربية.

في ذلك الوقت دارت في خلدها فكرة كتابة رواية حول البسطة، لكنها لم تقم بأي جهد للتواصل مع صاحب البسطة، وتركت الفكرة من غير تنفيذ، مستدركة “لكن في بداية فترة جائحة كورونا، بدأت أدير بنفسي حساب مياسين للنشر على “انستغرام”، الذي لم يكن قبل ذلك تحت إدارتي، وأثناء تلك الفترة، تعرفت إلى بعض البائعين والموزعين للكتب، ومنهم حسن آل حمادة. وأيضاً عرفت أنه هو صاحب البسطة التي ساورتني فكرة الكتابة عنها”.

تكمل “حاولت اكتشاف شخصيته عبر الحساب، والتعرف عليه أكثر، عرفت أنه يعرفني أو سمع باسمي من قبل، وبعد ذلك تجرأت وقلت له: ما رأيك لو أكتب رواية حول بسطة حسن؟ رغم أنني كنت مترددة في سؤاله عن ذلك، لكنني لقيت منه كل الترحيب، وأفرحني ذلك كثيراً. اتفقنا على طريقة العمل من أجل التعرف على تلك الحقبة من الزمن، وكانت فترة شهر رمضان المبارك فترة جميلة جداً، أتاحت لي (كما أسلفت) فرصة واسعة للكتابة”.

>كان لتجاوب حسن في الإجابة عن أسئلة اللواتي واستفساراتها دوراً مهماً في تمكينها من فهم البيئة، فاستطاعت تخيل الكثير من عناصر الرواية، تقول “لا ننسى التقارب في الكثير من العادات والتقاليد والتراث بين دولنا الخليجية، مما ساهم في فهم الأحداث، وبالتالي إنجاز الرواية”.

الصعوبات والتحديات

تقول اللواتي “طبعا هناك بعض الاختلافات البسيطة، وأكثرها تتركز في المسميات، مثل مسميات الأشياء مثل اللوز، كنت أحسبه هو نفسه لوز المكسرات، وبحثت حول زراعته في المنطقة الشرقية من المملكة، ولم أجده يزرع هناك، لكن حسن كان يقول أنه يُزرع، ولم أكن استوعب أن اللوز المقصود هو نفسه “البيذام” عندنا في سلطنة عمان”.

تضيف “لعل هذه كانت واحدة من الأمور التي سببت لدي عدم الفهم، ما جعلني أعيد كتابة بعض الفقرات بعد أن عرفت أن اللوز و”البيذام” هما شيء واحد، ولو كان الوضع العام اعتيادياً، كما كان قبل فترة جائجة كورونا، لقمت بزيارة المنطقة الشرقية من المملكة للوقوف عن كثب على بعض الأمور المتعلقة بالرواية، لكن مع الأسف، لم يكن ذلك في الإمكان، إلا أن مساعدة حسن في تقريب بعض نقاط الاختلاف، ساهمت كثيراً في بلورة الفكرة بشكل جيد”.

الإهداء للوالد

في 10 يوليو الماضي، كتبت اللواتي إهداءها لوالدها: “أهديتها لوالدي العزيز ـ رحمة الله عليه ـ فهو ملهمي دائماً، وكان معلمي الأول.

والدي العزيز

تلد كلماتي يتيمة…

تفتقد لمساتك وحبك…

لكنني أشعر بتلك اللمسات وأتنفس ذلك الحب، وأنا أصارع الكلمة وأستحث الفكرة، فيُضيء شعاعُها وحشة دربي لأخط على الصفحات البيضاء ما جُدتَ به عليَّ من فكر وكلمة، وأنت تقرأ لي وتراجع دروسي. وأثناء الليل تُـمسِّد بصبر مفعم بالحنان رجليَّ المتألمتين في تطلعهما نحو المستقبل…

أفتقدك والدي العزيز كثيرا…

وأبحث عنك في كل كلمة أخطها أو خطوة أُقدِم عليها…

ابنتك وتلميذتك “فطام”

السيرة الذاتية

فاطمة اللواتي كاتبة وباحثة وناقدة من سلطنة عمان، تخرجت في جامعة يوتا بالولايات المتحدة، تحمل شهادة الدكتوراة في مجال تعليم الموهوبين، بعد حصولها على الماجستير في مجال الطفولة المبكرة من الجامعة ذاتها.

بدأت اللواتي حياتها الأدبية كاتبة قصص للكبار، إلا أنها تحولت إلى الكتابة للأطفال، ونشرت أول قصة لها عام 1992، ثم واصلت نشر القصص، منها سلسلة تحت اسم “بلدي” في بداية عام 1993. كما نشرت عدداً من القصص في جريدة عمان في صفحة الطفل، ومقالات في مجال الطفولة.

قدمت مسرحيتين للأطفال، عرضت الأولى في مهرجان مسقط عام 1991، والثانية في التلفزيون العماني عام 1996. عملت معلمة للمرحلة الابتدائية، ثم موجهة لمعلمات رياض الأطفال، وخبيرة تربوية في وزارة التربية والتعليم، ودكتور زائر في جامعة السلطان قابوس.

تعد اللواتي من أوائل من كتب في أدب الأطفال في سلطنة عمان، وكانت صاحبة أول مبادرة في تقديم الورش ثم اختيار القصص المتوافقة مع معايير معدة سلفاً ومن ثم نشرها، وكان ذلك عبر مبادرة “اكتب قصصا للأطفال”.