Image Not Found

أعراض نفسية متنوعة قد تظهر على الأطفال بسبب التباعد الاجتماعي

Visits: 17

أجرت اللقاء: وردة بنت حسن اللواتية – عُمان

الأطفال هم عبارة كتلة من النشاط، لذا يحبون اللعب سواء في المنزل أو إلى الخروج إلى الحدائق الواسعة والشواطئ، واللعب مع الأطفال الآخرين، وهذا يساعد في تفريغ طاقاتهم وتنمية مهاراتهم. ولكن جائحة كورونا غيرت من نشاطهم ونظامهم اليومي، وأصبحوا ملزمين بالجلوس في البيت بين أربعة جدران، وإذا كان هذا أثر على نفسياتنا جميعا، فإن تأثيره على الأطفال أكثر، خاصة أن الصغار لا يفهمون معنى التباعد الاجتماعي، ويسألون لماذا لا يستطيعون أن يلتقوا بأصدقائهم وأجدادهم، ولماذا لا يستطيعون أن يخرجوا إلى الحديقة العامة؟ وغيرها من الأسئلة، وأصبحت بعض الأسر تشتكي من العصبية الزائدة لدى أطفالها، والشجار بين الإخوة.

لذا التقينا مع زينب بنت أنور سلطان الأخصائية النفسية بمستشفى المسرة لتشرح كلنا كيف نتعامل مع الطفل في ظل هذه الظروف. بداية تقول زينب: هذا الوباء حدث غير متوقع، وقد تغيرت حياتنا بسببه، وفُرضت علينا أنماط مختلفة من السلوكيات لم تكن لتخطر على بال أحد منا، حيث عُلِّقت مدارس أولادنا، وحتى أعمالنا صرنا نمارسها في المنزل، و لربما البعض تحول عمله من عمل يومي إلى مناوبات مجدولة مسبقا، و البعض الآخر ينتظر اتصالا من جهة العمل لبعض الحالات الطارئة. وأضافت: عندما صدر القرار من اللجنة العليا لمكافحة فايروس كورونا -19 بالتباعد الاجتماعي والتزام المنازل، وبتعليق الدراسة إلى أن يُنظر في شأنها، كان الطلاب في بادئ الأمر ينتظرون هذا القرار ويترقبونه بشغف، ومرت الأسابيع الأولى على أفضل حال والكل كان متحمسا لهذه الإجازة الطويلة.

ولكن ما أن مرت الأيام أكثر حتى بدأ هذا الحماس بالتناقص تدريجيا، وحلت محله مشاعر أخرى، هي مشاعر الحنين والاشتياق، والحزن والألم، إلى جانب الغضب وترقب المصير، فالجميع يُصّبح ويمسي على أخبار “كورونا”، وصار الأطفال يترقبون زيارة الأهل والتجمعات العائلية، وفي كل يوم يسألون: “متى نذهب لبيت الجد والجدة؟” والجواب “لا نعلم الأعراض النفسية وحول تأثير هذا التباعد الاجتماعي على الأطفال، والأمراض النفسية التي قد تظهر عليهم، قالت الأخصائية النفسية بمستشفى المسرة: طبيعة البشر أنهم يحبون الاختلاط والتعارف والاندماج مع الآخرين، فهذه غريزة وفطرة موجودة عند البشر، وبطبيعة الحال فإن الابتعاد عن الآخرين – وخصوصا في ظل هذه الجائحة- هو عبء على النفس الإنسانية بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، فابتعادهم عن الجو الدراسي المعتاد، وعدم حضورهم للتجمعات العائلية يؤثر عليهم بشكل سلبي، وقد يبعث في نفوسهم مشاعر مختلطة من توتر وقلق وغضب.

قد نلحظ على أطفالنا تقلبات المزاج، أو البكاء لأسباب تافهة، كذلك ترديدهم لعبارات مثل: ” أنا ملان”، ” انتوا ما تحبوني”، كذلك قد نلمس التغيير في سلوكياتهم، فلربما تظهر عليهم علامات الغضب المتكررة وغير المعتادة منهم، أو لربما ينفرد البعض ويعزلون أنفسهم، كذلك الخمول قد يكون واحدا من الأعراض التي تطرأ على الأطفال وسألناها عن تأثير هذا الشعور بالملل عليهم، أوضحت: كما ذكرت، قد يردد الطفل عبارة ” أنا ملان” بالرغم من وجود أفراد الأسرة من حوله، وبالرغم من قضاء أوقات ممتعة فيما بينهم، وقد يكون الوالدان يعطيان الكثير من أوقاتهما في سبيل أن يخلقا جوا من المتعة والمرح في المنزل حتى لا يشعر الأولاد بالمشاعر السلبية. ولكن تبقى نقطة الفراغ الداخلي الذي قد لا يتمكن الطفل من التعبير عنه، وهذا الفراغ هو ما يتعلق بموضوع التباعد الاجتماعي، وتغيير طبيعة الحياة التي تعودنا عليها مسبقا، وتواجدنا بالبيت في الوقت الحالي.

وبالتالي هذا يترك أثرا سلبيا على نفسية الطفل فتمنعه من الاستمتاع بالألعاب المختلفة، و تمنعه من التفكير في أشياء جديدة يمكنه عملها، كذلك تشكل هذه العبارة ” أنا ملان” هالة من الإحباط على الشخص والتأفف الدائم، وقد تجره إلى الدخول على نوبات الغضب غير المتوقعة. دور الأسرة وبالنسبة لدور الأهل في مساعدة الطفل للتغلب على هذه المشاعر، أوضحت قائلة: دور الوالدين في هذه الفترة مضاعف في المنزل، فقبل أشهر قليلة كان الطفل يقضي وقته في المدرسة والوالدان في العمل، أو إذا كانت الأم ربة منزل ففترة الصباح كانت ملكا لها، أما اليوم فالوالدان والأطفال جميعهم يعيشون معا، ويقضون نفس الأوقات مع نفس الأفراد، لذا، علينا نحن الآباءَ والأمهات أن نقي أنفسنا أولا من الضغط النفسي عن طريق ممارسة الاسترخاء والتأمل، وكذلك محادثة الذات إيجابيا، ومن ثم توقع مختلف السلوكيات من أولادنا حتى نتمكن من التعامل معها بالطريقة المناسبة.

كما أن دور الوالدين مهم من خلال معالجة تلك السلوكيات عن طريق مهارة حل المشكلات، وكذلك الحوار الهادئ وتفهم احتياجات الطفل النفسية واستيعابها واحتضانها، فلغة المشاعر والتحدث بها مع أبنائنا تساعدنا على امتصاص تلك المشاعر المختلطة عليهم، وتترك مجالا للأولاد للتعبير عما يختلج ذواتهم. فمن الضروري أن نُشعر أولادنا في هذه الفترة بحبنا لهم واحتضاننا لهم، كذلك لابد من أن نكون مرنين في التعامل معهم في هذه الأزمة لتلافي الكثير من المشاحنات غير المرغوبة والتي قد تحدث جراء الضغط النفسي الذي نمر به جميعا. واختتمت زينب سلطان حديثها قائلة: أوجه نصيحة أخيرة لكل أب وأم يعانيان من الضغوط النفسية أو اضطرابات أخرى، أو لربما يعانيان من صعوبة في التعامل مع بعض سلوكيات أولادهما في ظل هذه الجائحة، بالاتصال وأخذ المشورة من المختصين في المجال من خلال خط الدعم النفسي بمستشفى المسرة.