Image Not Found

الاقتصاد العالمي وفيروس كورونا

Visits: 4

حيدر اللواتي – لوسيل

يقف العالم عاجراً وحائراً أمام مرض فتاك يعصف بالناس كل يوم، فأي شخص محتمل أن يتعرض أو يصاب بفيروس كورونا إذا بدأ انتشاره على نطاق واسع، خاصة في المناطق التي تقل فيها المؤسسات الصحية لمعالجة مثل هذه الحالات. فهذا الفيروس انطلق من المدينة الصينية «ووهان» مؤخراً، ويهدد اليوم جميع مدن العالم بدون استثناء، ويحصد يوميا عشرات الأشخاص معظمهم من الصينيين.

الحديث عن هذ المرض طويل، ولكن على المستوى الاقتصادي، فله تأثيرات سلبية على الإنتاج الصناعي وعلى أسواق المال العالمية، ويغيّر من التوقعات فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي العالمي، ويؤثر على حركة الأسعار العالمية للنفط، وعلى التجارة الخارجية للدول، وعلى حركة الطائرات من وإلى المطارات الصينية. وله تأثيرات سلبية كبيرة على السياحة العالمية، كما يدفع الملايين من الناس للإقبال على شراء الكمامات والألبسة الحمائية لوقاية أنفسهم من هذا المرض.

كل قطاع اقتصادي يصاب اليوم بخسائر من هذا المرض، إلا أن القطاع السياحي يأتي في المقدمة نتيجة لإلغاء المزيد من الرحلات الجوية من وإلى الصين وإلى عدة دول قريبة منها، بهدف الحد من تدفق السياح القادمين من تلك الدول، في الوقت الذي يشكّل السياح الصينيون رقماً مهماً في السياحة العالمية. الحكومة الصينية من جانبها تتخذ العديد من الإجراءات، فهي ألغت منذ البداية جميع الاحتفالات السنوية للسنة القمرية الجديدة لهم، كما ألغت جميع الرحلات السياحية الجماعية التي كان من المفترض أن يقوم بها الصينيون حول العالم في الأشهر المقبلة، في الوقت الذي بدأ فيه العالم يتخذ إجراءات عديدة في مطاراتها لتقييد حركة السياحة القادمة من الصين سواء عبر الخطوط الجوية العالمية، أو عبر القطارات القادمة من الدول القريبة لها. وليس من البعيد أن تتأثر دول سياحية أخرى من هذا الوباء مثل كمبوديا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا وتايوان، ذلك أن هذا الفيروس ينتشر بسرعة أكبر من سابقاتها، الأمر الذي سيخلف وراءه تأثيرات سلبية على عدة قطاعات اقتصادية أخرى تتعامل في منتجات التجزئة والخدمات والترفيه والأنشطة الصناعية وغيرها.

ونتائج ذلك ستكون سلبية على الاقتصاد الصيني والاقتصادات الأخرى، الأمر الذي سيدفع حتما الصين أن تلجأ إلى اتخاذ تدابير نقدية ومالية لدعم النمو الاقتصادي لديها على المدى القصير، فيما سوف يتراجع طلب الصين على إمداداتها من النفط المستورد من المنطقة الخليجية وخارجها، الأمر الذي سيساهم في تراجع أسعار النفط العالمية وسوف يؤثر على الموازنات المالية للدول النفطية. فالإجراءات الوقائية المفروضة اليوم على شركات الطيران والنقل العام للركاب تؤثر بشكل كبير على استهلاك الوقود في الصين وخارجها، بينما نرى أن هذا المرض يسجل كل يوم رقما جديدا في حالات الوفيات والمصابين ليصبح واحدا من أخطر الفيروسات التي لحقت بالعالم حتى اليوم.

ورغم هذ المخاطر والذعر الذي يسببه الفيروس على المستوى العالمي، إلا أن هناك نظرة تفاؤلية بأن الطب الحديث سوف يكتشف له مضادا لمقاومته كسائر الأمراض التي لحقت بالبشرية خلال القرون الماضية، في الوقت الذي يتوقع فيه المحللون بأن يشهد النشاط الاقتصادي العالمي انتعاشا قويا مرة أخرى في حالة التحكم في هذا المرض، والحصول على اللقاحات والأدوية التي يمكن من خلالها القضاء عليه.