Image Not Found

مواجهة الدين العام لعمان

Visits: 15

حيدر اللواتي – لوسيل

هناك بعض من الدول في العالم لم تتجه نحو الاستقراض والدين الخارجي، فيما يشكّل هذا الأمر معضلة للكثير من الدول العربية التي اعتادت التوجه نحو الاسواق الداخلية والخارجية للحصول على الأموال اللازمة لتغطية بنودها المالية، وخاصة في الآونة الاخيرة نتيجة للتحديات الناجمة عن تراجع أسعار النفط العالمية منذ عام 2014. فقد اضطرت الظروف الاقتصادية للكثير من الدول ومنها عمان بالتوجه نحو الاقتراض الخارجي. فما زالت إيرادات النفط تمثل حوالي 74% من الايرادات الكلية للسلطنة ومعظم دول المنطقة، وبالتالي فان الاقتراض من الخارج يعتبر إحدى الوسائل لمواجهة الظروف الاقتصادية، الأمر الذي يؤدي أيضا إلى ارتفاع خدمة الدين (الفوائد) لهذه القروض. وقد اعتمدت الحكومة العمانية في الموازنة المالية لها في العام الماضي مبلغ 630 مليون ريال عماني لهذه الخدمة، فيما تم رصد مبلغ 860 مليون ريال لخدمة الدين في العام الحالي 2020. وبمراجعة أرقام الدين الخارجي، نجد أنها ارتفعت من 1.4 مليار ريال في عام 2014 إلى 16.6 مليار ريال في عام 2019 منها 13.4 للدين الخارجي و3.1 مليار ريال للدين المحلي، حيث يشكّل الدين الخارجي ما نسبته 77% من إجمالي الدين العام وفق بيانات وزارة المالية والمجلس الاعلى للتخطيط.

وكما نعلم بأن الحكومة العمانية اعتمدت مبلغ 58 دولاراً للبرميل في موازنة العام الماضي وكذلك في موازنة العام الحالي، فيما أشارت النتائج الأولية لموازنة العام 2019 إلى أن متوسط سعر النفط العماني بلغ 65 دولارا للبرميل بواقع زيادة 12%، إلا أن حجم الانفاق الاجمالي ارتفع هو الآخر بنسبة 6% العام الماضي. وتعمل الحكومة العمانية منذ عام 2014 على مجابهة التحديات المالية التي تؤدي إلى انخفاض الاحتياطات، وارتفاع العجز التراكمي، والدين العام، حيث شهد العجز التراكمي زيادة ليصل إلى 20.4 مليار ريال في عام 2019، في الوقت الذي بدأ العجز السنوي للسلطنة يتراجع من 5.3 مليار ريال عماني في عام 2016 إلى 2.6 مليار ريال في عام 2019.

لقد تعاملت الحكومة بكل حذر وشفافية مع هذه الأزمة، حيث اتخذت القرارات والإجراءات المناسبة التي يمكن أن تحد من وطأة هذه الازمة، منها تحييد التأثير المباشر على المواطن نتيجة لتراجع أسعار النفط، واستحدثت ادوات لتمويل العجز من خلال بعض السحوبات من الاحتياطات بجانب الاقتراض الداخلي والخارجي. كما أنها مستمرة في توجيه خططها نحو تكثيف برامج التنويع الاقتصادي واسناد بعض الاعمال التي تقوم بها الحكومة حاليا إلى شركات ومؤسسات القطاع الخاص. كما تقوم بتخفيض الانفاق العام، وتخصيص بعض الشركات الحكومية، وتعمل على خلق بيئة استثمارية محفزة وجاذبة لاستثمارات القطاع الخاص، بجانب تشجيع الشراكة بين القطاع العام والخاص، والتحوط في احتساب سعر النفط لتقدير الايرادات النفطية، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص وتعزيز دوره.

لقد حددت السلطنة عدة أهداف اقتصادية واجتماعية لتحقيق الاستدامة المالية وذلك من خلال السيطرة على العجز من جهة، ورفع كفاءة الانفاق العام، بجانب العمل على رفع التصنيف الائتماني للسلطنة، وتنمية الايرادات غير النفطية، مع العمل على تعزيز أداء المؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة، ومواصلة الدعم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. كما تعمل على استكمال مشروعات البنية الاساسية، وتحسين بيئة الاعمال لجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية.