Image Not Found

مال الله علي ( آغا) كما عرفناه

Visits: 381

د. علي محمد سلطان

مال الله علي عبدالرسول ( أبو علي) شخصية مطرحية بامتياز.

عندما تفتحت عيوننا على زقاقات ودهاليز و درابين نازي مويا و على غبار الأتربة الذي كان يتصاعد كالدخان المتصاعد من Navy Cut و 555 وRothman والشعري الملفوف بلفائف( پیری ) بأجود التنباك المحمول في اللاريات( Bed ford)الآتية من شناص ولوى وصحار ونحن نلعب في الساحة المطلة لبيته فإن مال الله آغا كانت الزواكي من الروائح العطرية من قناني ( أرامس ) تفوح من لباسه الحريري السلكي ( لاس ) وهو ينزل من سيارته الفارهة يومذاك ( Land Rover) فتتمازج مع الأتربة ونحن نلعب لقف دوم أو ( التوفة ) المصنوعة من الجوت والخيشة وأحياناً تجدنا وقد إمتاز فريق منا جانبا مستندا على جدار بيته منتظرا صفارة الحكم لبدء المباراة.

كان ذلك منه بعد رجوعه من البحرين وإلتحاقه في وظيفة مدير ( Merchandise ) في ذات الشركة فرع عمان Gray Mackenzie

فعندما يسرد مال الله علي آغا جوانب من حياته فهو يسردها كتاريخ فيه كثير من المحطات فمع بدايات انفتاحه على الحياة التي بدأت معه مبكرا تجده يقف على أهمها إبتداء من البحرين حينما رحل إليها مع أواخر 1956 فيتذكر كيف أنه جاء باحثاً عن وظيفة في أروقة Gray Mackenzie

فقد إستصغر المدير العام سِنٌه مع أن اليافع كان يتحدث بأكثر من لغة من الإنجليزية والعربية بجانب اللغات المحلية التي قد إكتسبها في المدارس الأهلية في مطرح ومن المحيط الأسري الذي ترعرع فيه.

طلب منه المدير العام بأن يلتحق في واحدة من مدارس البحرين ليتعلم فلا ينبغي من في سنه أن يتوظف لكن ومع إصرار آغا كما كان يُسميه المسؤول ومع التأكيد منه في الإلتحاق بالمدرسة في ساعات المساء فإن A K Wyte المدير العام الإسكوتلندي قد وافق على تعيينه بوظيفة كاتب وأمر Chodry المسؤول عن التوظيف بالشركة باتخاذ اللازم.

يقول الحاج مالألله بأن الله قد جعل له يد عونٍ وخير من وراء الإسكوتلندي الذي قد وجهه للتعلم في مدرسة عبدالرسول التاجر كما وقد وفٌر له عملا وبعثه فيما بعد إلى بريطانيا للتدريب على إستخدام آلة الإبراق التي كانت محتكرة على العناصر البريطانية وبعد ذلك فتح له فرصة وظيفية متقدمة أن ألحقه في البريد التابع للشركة وكان على رأس إدارتها الأستاذ محمد حسن كمندر وهنا فقد مارس ماتدرب عليه وبعد زيارة Wyte لمسقط ووقوفه على أداء الشركة نقل خدمات آغا للفرع وبوظيفة مدير تجاري وكان ذلك في عام 1964.

وعندما رجع آغا إلى عمان فإنه كان قد كسب الخبرة والعلم وجمع من المال الذي قد ساعده في بناء مستقبله وإعاشة عائلته من جهة والدته وأخواته فهو كان معيلهم بجانب مسؤولياته الأسرية.

وهو يستعيد بشريط ذكرياته لماضٍ قد إنتهى فكأن المحطات التي وقف عندها لازالت مشاهدها حاضرة فيتذكر بأنه كان ضمن النفر الذين قد إمتلكوا سيارات لاندروفر في تلك المرحلة الزمنية مع الصعوبات التي كانت تكتنف في التحصيل على الإباحة.

ويتذكر كيف أنه نجا من الموت المحتم يوم أن تدهورت سيارته التي كانت تستقل بعض أصدقائه يقودها المرحوم محمد جواد علي عبداللطيف وهم راجعون من رحلتهم إلى السيب فقد كان يجلس في المقعد الأمامي بجانب السائق فغير من مكانه ليجلس في المقاعد الخلفية مع باقي الأصدقاء ويوفر المقعد الأمامي لزميل لهم وتتدهور السيارة بعد مضي دقائق فيصاب زميلهم ويرحل عن الدنيا إلى رحمة ربه.

يتذكر كيف أن د طوماس قد أرسل إبنه في مكان الحادث فحمل الجرحى لمستشفاه وهو أحدهم فقد أصيب بكتفه.

ومع حركة المطاعم في مطرح ومذ أن بدأ النفط يتدفق من أنابيب سيح المالح صاحبته الحركة التجارية والعمرانية فكان سباقاً في فتح أول مطعم على سطح بناء إشتهر بالمطعم العلوي في موقع مطل على سوق مطرح في ناحيةٍ من نواحي خور بمبه فذاع صيته وكثُر مرتادوه وخصوصا من التجار وأصحاب الرواتب من الموظفين الذين إلتحقوا بتنمية نفط عمان والبنك البريطاني وتشارترد بنك وكيبل إند واير ليس وبعض الشركات الأخرى التي زاد عددها مع ضخ النفط.

القفزة الكبرى التي فتحت له الآفاق في عالم المال ومع أواخر الستينيات كانت حينما رست عليه المناقصة مع شركتين أخريتين في تمديد ماء الخوض إلى كل من مطرح ومسقط عبر الأنابيب فقد كان حظه منها تمديد الأنابيب إلى أول خط السيب وهذا المشروع كان من ضمن المشاريع التي بدأت تدخل في واقعنا منذ بدايات تدفق مال البترول مع أواسط عام 1967.

والمشروع الآخر الذي كان قد أكسبه الشهرة بجانب المكسب التجاري هو ذلك الذي حصله عبر مناقصة أخرى قد رست عليه ضمن آخرين في إدارة وبيع الماء عبر النقاط المحددة فكان نصيبه فيها وافرا ونتذكر كيف أن جالون ماء واحد كان يباع ببيستين ، وبيستان عملةٌ معدنيةٌ الأصغر ضمن العملات المعدنية المتداولة التي إستحدثها السلطان سعيد بن تيمور رحمه الله مع فبراير من عام 1970 وضمنها العملات الورقية والمعدنية المستحدثة في أواخر عهده ( الريال السعيدي) الذي كان يحمل توقيع سي جي بيلي ولم تعهد عمان ماقبل تلك المرحلة بعملة ورقية مستقلة حيث كانت الربابي الهندية هي العملة الورقية المستخدمة في كل عمان مع العملات المعدنية العمانية وغير العمانية مثل الريالات المسمى بالريالات الفرنسية وهي العملة النمساوية المعروفة بعملة ماريا تريزا.

نحن نرى اليوم وتتويجا لمثابرته وعمله في دنيا المال والتجارات ذلك الصرح الشامخ والمؤسسة الرائدة ( النصر للرخام ) والتي قد أرسى قواعدها وشق في ميادين المنافسة مع الأقران ليجعل منها واحدة من الشركات العملاقة في العهد الميمون وقد كان لابنه المرحوم علي دور مشهود في اتساع رقعة مبيعاتها فقد بذل ما في الوسع ليجعل منها واحدة من الشركات المشهود لها في عالم الرخام.

بقي الحاج ولازال وفياً لوطنه خادما لإخوانه وأقربائه طيب العشرة سخي النفس كثير العطاء يبذل في المشاريع الخيرية فهو المبادر الذي يبدأ بنواله إبتداء لا سؤالا.

أتذكر وقد سمعت ذلك من فم الحاج علي سلطان محمد فاضل رحمه الله و من غير وسيط أنه ومع عام 1995 وعندما بدأ التفكير في بناء مشروع المسجد الكبير الملاصق لسور اللواتية( مسجد الرسول الأعظم)
فإن أول المتبرعين وبسخاء كان هو الحاج مالألله حيث قد أرسل إليه بشيك كان فاتحة لتنفيذ المشروع الذي كمل في عام 1998.

واليوم ونحن في إستكمال مشروع جامع السلام بقاعاته فإنه وبعد المبلغ الذي تحصل من لدن صاحب الجلالة أدام الله في عمره وجعل ذلك ذخرا لآخرته وفي ميزان حسناته فإن مبادرة الحاج مالألله علي عبدالرسول ( الآغاء ) في إضافة يد العون هي من المدامك في لبنات هذا المشروع.

نأمل بأن تأتي المبادرات الطيبة من ذوي الخير في إستكمال هذا المشروع ونرجو من الله بأن يسدد خطاهم وفي ميزان حسناتهم يوم لاينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

نسأل الله أن يمد في عمره ويحفظه من كل سؤ ويجعل منه مظلة سعد لأهله وذويه.

عرفته دمث الطباع أريحي المزاج كثير التلاطف بجانب معنوياته العالية حتى عند الهزاهز.