Image Not Found

براءات الاختراع والحرب التجارية

Visits: 17

د. حيدر اللواتي – لوسيل

بعد عدة جولات تجارية، يأتي قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية عالية على المنتجات الصينية بجانب إدراج شركة هواوي وفروعها الـ 70 ضمن القائمة السوداء للمصدرين. ويمثل هذا القرار خطوة تصعيدية سيكون لها تأثير سلبي لفترة ما على الشركة الصينية، لأنها تُهدد بعرقلة نشاط العملاق التكنولوجي الصيني الذي يستعد لاقتناص أكبر فرصة تجارية والمتمثلة بنشر تكنولوجيا شبكات اتصالات الجيل الخامس التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات. القرار سوف يمنع الشركة الصينية من بيع منتجاتها بأمريكا، في الوقت الذي تُتهم فيها الشركة بأنها تعمل على استخدام تقنياتها للتجسس لمصلحة حكومتها ببكين.

هذه القضية تحدث عنها الأستاذ طلال أبو غزالة في أمسية رمضانية بمجلس الخنجي بمسقط مؤخرا، مشيرا إلى أن قضية الحرب التجارية القائمة بين أمريكا والصين ناتجة بسبب القضايا المتعلقة ببراءات الاختراع والتقليد وحقوق الملكية الفكرية، وهل إن كانت براءات الاختراع الصينية تدخل في إطارها الصحيح أم أنها نسخة من براءات اختراع أمريكية وأوروبية مع تغيير في شكل المنتج.

تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية يوضح أن الصين مستمرة في قيادة العالم في مجال براءات الاختراع المحلية، الأمر الذي يشير إلى التحول الإستراتيجي في الصناعات الصينية التي يبدو أنها تعمل على إبعاد نفسها عن هذه الاتهامات في عملية النسخ والتقليد، بل تعمل على تحقيق الابتكارات والاختراعات الجديدة والخلاقة. ويتبين أن الصين احتلت في عام 2017، المرتبة الأولى في هذا المجال بواقع تسجيل 1.38 مليون براءة الاختراع، مقابل 607 آلاف تسجيل براءة اختراع في أمريكا. ورغم هذا التطور فما زالت الصين غير قادرة على المنافسة في هذا المضمار بسبب اختلاف المعايير الأوروبية والأمريكية في هذا المجال عن المقاييس الصينية.

أمريكا من جانبها سعت في المحادثات مع الصين إلى حماية الملكية الفكرية لمنتجاتها نتيجة لعمليات نقل التكنولوجيا القسرية التي تجريها الصين، في الوقت الذي تؤكد فيه حكومة بكين مرارا وتكرارا على أنها بذلت جهودا كبيرة لحماية الملكية الفكرية منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، إلا أن إدارة ترامب ترى أن الصين مستمرة في انتهاكها لحقوق الملكية الفكرية لشركات أمريكية من خلال السرقة ونقل التكنولوجيا القسري. وترى أمريكا أن ما تقوم به الصين هو مجرد تغيير في تصميم المنتج وشكله الأساسي ونمطه ولونه فقط. وهناك خلافات قانونية بين الدولتين في هذه القضايا. ونتيجة للدعم المستمر من الصين للبراءات فقد عزز بعض القطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والتكنولوجيا الطبية والاتصال هناك، ما جعل الشركات الصينية تتقدم بطلبات أكثر من نظيراتها في أمريكا بـ 8 أضعاف.

من هذا المنطلق تُعاقب أمريكا الصين وشركاتها بالكثير من القرارات كفرض الرسوم الجمركية العالية وحظر أعمالها في أمريكا. وهذه القرارات من شأنها خلق تعقيدات خطيرة وصعوبات ليست للصين فحسب، بل للعديد من دول العالم التي تعتمد في أعمالها على تقنيات لشركة هواوي، حيث إنه بموجب الإجراءات الأمريكية الجديدة، فإن هذه الشركة لن تكون قادرة على شراء بعض المعدات الإلكترونية من الشركات الأمريكية دون الحصول على موافقة حكومية مثل الرقائق الإلكترونية التي تدخل في بعض تركيبات الشركة الصينية هواوي.