Image Not Found

مبنى المنظومة الحقوقية في الإسلام «4»

Visits: 10

الشيخ هلال بن حسن اللواتي – الوطن

لقد تحدثنا عن الجعل الوضعي الذي هو من وضع الإنسان في الحلقة السابقة، وفي هذه الحلقة سوف نكمل في نفس السياق إن شاء الله تعالی

فقد قلنا أن موضوع (الحقوق) إذا حسب على مسائل الجعل الوضعي البشري فستكون ثماره من سنخه، ولا يمكن عندئذ فصله عن صدوره من شخص ما، أو من منظمة دولية ما، أو من عقد اجتماعي ما، لأنه بالنتيجة يكون باعتبار المعتبر البشري، وإلى مثل هذه المعطيات تذهب بعض المدارس الفكرية العقدية، والتي أفرزت نتائجها على ما ذهبت إليه في طبيعة العلاقة بين الفعل والجزاء. إذ الفعل لا ينشأ إلا بأمر أو نهي قد سبقه رتبة ووجودا . فقالت بالعدم مطلقا، لكون العلاقة بينهما علاقة إعتبارية، ولم تستثن هذه المدرسة القانون السماوي عن القانون الوضعي إذ هما متساويان في الأمر، بل وأن القوانين الوضعية وعلى مر العصور لما أن نشاهدها نجدها قلما تأخذ احتياجات الإنسان عامة في بنودها وصياغتها الدستورية، والعلل لهذا الأمر معروفة تغض الطرف عنها هنا، ولكن .. نعم اليوم نشاهد في القوانين الوضعية محاولات جادة لأخذ احتياجات الإنسان ومتطلباته في نصوصها، وفيما ترسمه، وتحكمه في الدستور، ويطرح هنا هذه التساؤلات المهمة:

  • تری ها مدى أخذ القوانين الوضعية لاحتياجات الإنسان ومتطلباته الذاتية في لسانها الاعتباري من جهة وفي تطبيقها له على أرض الواقع الاجتماعي من جهة أخرى؟!.
  • هل القوانين الوضعية قد أخذت كل احتياجات هذا الإنسان الذائية أم لا؟!.
  • وهل أخذت القوانين الوضعية في بنودها احتياجات سائر الكائنات المحيطة بهذا الإنسان أم لا؟!.
  • وكيف تستطيع القوانين الوضعية أن تحل إشكالية التنازع والتزاحم بين المتطلبات ؟!، وفي حال تكامل القوانين في عالم بنودها ونصوصها فهل تجد هناك من يتمكن من تنفيذها بشكل موضوعي عادل منصف دقيق على أرض؟!.
  • وهل فكرت في المواصفات التي ينبغي أن تتوفر في هذه الشخصية المنفذة أم يكفي أن إنسان يقوم بتحقيقها وتنفيذها؟!.

ولكل هذه الأسئلة مدخلية في موضوع (الحق والحقوق) تأصيلا وتحقيقا فما لم ينقح المطلب من هذه الجهة، وما لم توضع لها الأجوبة الشافية الكافية فالوصول إلى موضوع (الحقوق) سيكون من الأمور المحالة، فتأمل.

ومن هنا سوف نتوجه إلى الجعل السماوي وماذا يتضمن عن موضوع (الحق) و (الحقوق)، وهل هو مثل الجعل البشري أم لا؟!، وبما يفترق عنها ؟!، ولماذا؟ !، فمثل هذه الأسئلة سوف يجاب عليها إن شاء الله تعالی لاحقا.

الجعل السماوي: فكما تقدم بيانه بأن هناك من المدارس الفكرية العقدية تذهب إلى اعتبار العلاقة بين الفعل والجزاء علاقة اعتبارية، وهي كنتيجة تطبيقية لرؤيتها الفكرية ولمبناها الإيديولوجي القائل بعدم ضرورة وجود العلاقة بين الأمر الإلهي وبين احتياج الفرد الذاتية، ومتطلباته التكوينية، فبناء عليه لا مانع من وضع أمر للإنسان وأن لا يكون لهذا الأمر أي مدخلية بحاجته الذاتية، فيكون دور الجعل السماوي الدور الإيجادي بالمعنى المتقدم ذكره سابقا، ولكن .. هل مفاد النصوص السماوية يذهب إلى هذا الاتجاه أم لا؟!، فهذا ما سوف نتعرف عليه خلال السطور التالية إن شاء الله تعالی.

الجواب وفق الرؤية الواقعية التكوينية: ولكن .. هناك من المدارس الفكرية العقدية تذهب إلى وجود علاقة بين الأمر الإلهي ، فلاحظ أننا نقصد هنا بلحاظ متعلقه وليس بلسانه الكاشف عن المراد الإلهي المصاغ بصياغة عرفية . وبين الضرورة الإنسانية واحتياجاتها ومتطلباتها، مع الأخذ في هذا الأمر الإلهي احتياجات ومتطلبات الكائنات الأخرى، فالأمر ليس أمرا اعتبارية مطلقا؛ بل هو يتكون من أمرين أساسيين، الأمر الأول: الأمر الاعتباري الذي لسانه لسان الاعتبار، والأمر الثاني وهو ما يكون وراء الأمر الاعتباري، ترى ما هو “1، فهذا ما سوف نتعرف عليه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالی.