Image Not Found

ميكنة حصاد النخيل

Visits: 30

د طاهرة بنت عبدالخالق اللواتية

[email protected]

كان الرطب والتمر والبسور من اختصاص بلادنا ، ومن القدم شهدت عمان تجارة البسور مع الهند والشرق الاقصى واوروبا ، وكاد ان يكون المحصول الاكبر للتصدير في فترات كبيرة من تاريخنا الاقتصادي .

النخلة جزء من تراثنا الحياتي ، وكل مفردات النخلة دخلت قاموس حياتنا اليومي والثقافي والاجتماعي ، وكان الاجداد يهتمون بالنخلة كما يهتم الاب بولده . وكانت النخلة وماتزال تعطي بكرم منقطع النظير وان شح الماء او داخلته الملوحة ، او عانت التربة فقرا .

رغم هذا الحب المنقطع النظير للنخلة ، والذي تبدى في زراعتها في كل مكان وبأنواع عديدة وكثيرة ، الا اننا الي اليوم تمسكنا بالاساليب القديمة والبالية في الاهتمام بها وتنبيتها وخرفها وحصادها، وكان دور الوزارة في تقديم مشورة ودعم تطويرها وميكنتها غير واضح او مشهود . فما يزال المزارع يطوقها ونفسه بحبل ثم يصعد حافيا واضعا الجزء الامامي من قدمه على الكرب ، متسلقا بحذر شديد ، وكم من مرات فلت الحبل اوانقطع ،فوجد نفسه واقعا من على شاهق ، يتألم من لطمة الارض او من كسر ورض وشدخ ، اوأسلم روحه من سقوط على أم الرأس. وكم من مرات طالت النخلة وامتشق قوامها ، فتهيب المزارع من تسلقها وتنبيتها او خرفها تاركا اياها دون استفادة ، وكم من مرات غزت النخلة آفات فتركها لصعوبة الارتقاء كل حين لعلاجها ، وكم من مرات أصبح الكرب نفسه موطن الداء ، فصار هشا ،فلم يعد يستطيع وضع قدمه عليه كي يرتقي ، فتركها وشأنها ، وكم من مزارع تعب من عملية الارتقاء فترك نخيله مهملا ، أو أسلمها للبنغالي وأخلى مسؤوليته . اما في سهل الباطنة فترك ثمرها للحيوانات ، فلم تعد الناس تقبل على شراء رطب وتمر الباطنة ، لافتقاده الى الكثير من العمل والجهد والخبرة والمساعدة ليكون جيدا ومنافسا رطب وتمر الداخلية والظاهرة .

الولايات المتحدة واستراليا دخلتا سباق زراعة النخيل وحصاده ، وصرنا نشهد محصولهم في اسواق العالم ، رطب كبير يانع وطازج ،حلو المذاق جميل الشكل .

فقد زرعوها بكثرة في صحاريهم ، وميكنوا كل خطوات التعامل معها ، رافعة صغيرة خفيفة أغنتهم عن تسلقها كل حين ، ونظام حصاد وحفظ وتعبئة غاية في الدقة والاناقة ، ونظام تسويق أوصل الثمر الى انحاء العالم الاربع. في الاندلس في اسبانيا ذهبوا أبعد من ذاك ، فلديهم آلات لازالة الكرب، وجعل ساق النخلة نظيفا وأملسا، كي لايكون مكانا لتجمع الغبار وتعشيش العناكب، حتى لايمرض الثمر بغبار العناكب وغيره من الحشرات ، واستخدموا طرقا وقائية تقنية دقيقة كي لاتغزو ساقها الآفات ، فصارت اكثر جمالا وأصلب ساقا وعنفوانا وأغزر ثمرا .

النخلة جزء رئيس من ثراثنا وحياتنا ، لكننا لم نعرف الى اليوم كيف نجعلها جزءا من واقعنا الاقتصادي المعاصر والمربح جدا !!
2اكتوبر 2018.