Image Not Found

موسم الأمب في مطرح

Visits: 51

د علي محمد سلطان

هنا مطرح ، وهنا النوارس تسبح في لجج الله الغامرة، وهنا كان البوم والغنج والبگاره تنزل بحمولاتها من الأمب في مواسم القيظ.

مطرح ليست كأية مدينة من مدن الله ، بل هي مدينة فاضلة من مدن الله التي ضمت الإنسان قبل أن تضم إنتماءه ودينه وقبيلته ومشربه.

هي تلك المدينة التي كان الإنسان فيها يعيش مع أخيه ويتقاسم معه اللقمة والعيش الكريم فهي ( كوسموس پوليتان ) في أعلى قيمه الإنسانية الراقية.

ذابت فيها الفوارق وتدكدكت فيها الأعراق واضمحلت فيها الألوان إلا اللون الحاكي عن العمل والكد والعطاء والبذل.

وعندما كانت السفائن تقف في شطآنها فقد كانت تلقي بالأحمال من الأمب من ( أبي البوز) الآتي من أعماق حيل الغاف ومن الساحل الممتد على خط الباطنة ولاتستثني في عطائها احدا وهي تلقي بهذه الأحمال من أمب( دودوه) فلتلتم الصبية والنسوة والحمالون وكل من يريد بأن يلتذ من هذه الثمار اليانعة الآتية من كل فج من فجاج السواحل الممتدة.

الأمب وما أدراكم الأمب ، حيث كانت السفن الشراعية تأخذ فرصتها في الشريط الساحلي وكأنها الجبال الراسية قد وتٌدت بميدان الأرض فلا تجد إلا وقد إمتلأ الرحب منها فيما السفن الأخرى تنتظر دورها وهي قد غرست مراسيها في أعماق البحر .

ومع هذا المنظر المهيب من السفن ومع الأمب الذي كان تفوح روائحه الزاكية ومع عشرين حبة وثلاثين منه مقابل ربية واحدة من ربابي الهند المتداولة فإن دكك البيوت كانت تغوص بالأمب على أنواعه واختلاف مذاقه.

يومها كانت مومباي هي الأخرى حاضرة في مشهد موسم الأمب عبر التجار والمسافرين الذين كانوا يجلبون شيئا منها من ( الهاپوسي ) و( البادامي ) و ( الفونسو ) لكن الأمب العماني بغزارة إنتاجه كان السباق إلى البيوت وإلى المارة وهم يعبرون طرقات مطرح إلى محال عملهم.

كانت الصبية ترى موسم القيظ أكبر عيد وأكبر فرصة لتناول ثمار الأمب وكانت تقدح زناد الأعواد وتشعل النار في جوانب السفن الحاملة لهذا النوع من الثمر فيما الربابنة يتشاركون الصبية في فرحتهم وقدح زنادهم.

كان الزحف نحو ساحات الشريط الساحلي يأخذ منحى جديدا مع أيام القيظ، فالسفن الشراعية على كثرتها تزحف على مواقع اللعب وتمتد من بيت ( العود) حتى موازاة سوق الكمباريين عند متجر التاجر المعروف عبدالخالق محمد آل عيسى الذي إشتهر في تعليب الأمب وتصديره لبلدان ومشيخات الخليج أولا بأول.

بقيت مطرح في حلتها الصيفية غير مطرح في مواسمها الأخرى وبقي الأمب في قلب قيوظها وأيقونيتها وكحل ناظرها.

15/3/2019