Image Not Found

مدينة الطاعون

Visits: 23

حسين بن عبدالخالق اللواتي

إنها مدينة سان فرانسسكو، في ولاية كالفورنيا، في الولايات المتحدة الأمريكية، والطاعون هو الشذوذ الجنسي بمختلف أنواعه، ومدينة الطاعون هذه يسكن فيها الشاذون والشاذات من كل أنحاء العالم، بالإضافة إلى سكانها الأصليين من الولايات المتحدة، وسكان بقية المدن الأمريكية، وكلهم من نفس الشاكلة، أنها العاصمة العالمية للشاذين والشواذ، وهي جنتهم الأرضية، التي لا تضاهيها أية جنة أخرى، كما يقولون هم أنفسهم!

منطقتهم الرئيسية في مدينة سان فرانسسكو، هي منطقة كاسترو، فتجد فيها الشاذين من الرجال، ومن النساء، يمشون الهوينا، كل واحد منهم متأبطا ذراع رفيقه، من نفس جنسه، والمنطقة يقطنها الشواذ فقط، حتى الدكاكين، والمحلات، وعيادات الأطباء، وأطباء الأسنان، والمنظفين، ومحلات التصوير، وغيرها الكثير، كلها عائدة للشواذ، وحتى ضابط الشرطة، والمسئول عن الدوريات الراجلة في المنطقة، هو من الشواذ، وإسمه دينس توماسون، وعمره 41 سنة، ورقمه 2198.
ودنيس هذا بعد أن يفرغ من عمله الشرطي، يذهب إلى المقهى، في المنطقة إياها، للناس اياهم، واضعا إشارة ملونة على بدلته الرسمية، دلالة على أنه منهم، ليحتسي فنجانا من القهوة، ويتحدث مع أصدقائه، متفرجا على المارة، والمتسكعين، وكلهم من قوم لوط من الشاذين.

تتواجد في مدينة الطاعون هذه 150 نقابة، وجماعة، كلها تدافع عن الشاذين، وحقوقهم، وهناك 42 شركة أدوية، تجري أبحاثا على 71 دواء مختلف، للشفاء من مرض الإيدز، ولكن دواء واحدا فقط حتى الآن، يقال أن له تأثيرا في تأخير موت المرضى بالإيدز، والدواء هو AZT.

مرض الإيدز يفتك بهولاء بشكل كبير، تقول إحدى الإحصائيات بأنه فتك بـ 300 ألف منهم حتى الآن، خلال عقد الثمانينات، ويقول أحد الممرضين العاملين في المنطقة، بأنه حضر 300 حالة موت، بسبب الإيدز، وأن مرضى الإيدز أكثر ما يخافون منه، هو آلم الإحتضار، والوحدة عند الموت، لذا فانه، أي الممرض، يكون معهم لدى الإحتضار، ماسكا أيديهم، معانقا لهم، ومؤكدا لهم بأنهم في أمان، وأن الله يحبهم!

النساء الشاذات أسرع موتا، بسبب الإيدز، من الرجال، لذا تجدهن أكثر مطالبة بحماية الشواذ، وتوفير أحدث وأغلى الخدمات الطبية لهم.
في مستشفى المدينة الرئيسي هناك الجناح 86، وهو جناح مشهور لنزيلاته من مرضى الإيدز، وللخدمات الصحية والعلاجات المتقدمة التي يحصلون عليها، بحيث يعتبر النموذج الأمثل في العالم بأجمعه في كيفية معالجة الإيدز، ومرضاه، وبه الآن 2007 مريضا، وعددهم يتزايد يوما بعد يوم، بمعدل 400 بالمائة.

أحد العاملين بالجناح 86 يقول، بأن الفحوصات تكشف عن 6 أو 7 حالات أيدز يوميا، وإن إخبار هذا العدد من الناس يوميا، بأنهم مرضى، وإن نهايتهم وشيكة، يتطلب قوة عقلية وجسمية معا، وإلا إنهارت أعصابنا، كما تنهار أعصاب الشخص، الذي نخبره عن إصابته، ويحدث كثيرا بأن ينتحر بعضهم، بدلا من ترقب النهاية المؤلمة، في الوحدة القاتلة.
يضيف الطبيب نفسه، بأن أكثر الحالات المكتشفة الآن، هي إصابات حدثت في العقد الماضي، وهو عقد الثمانينات، عقد عروج الشذوذ الجنسي، وحصول أصحابها على مطلق الحرية، والحقوق التي لا تحلم بها أية فئة أخرى، عرقية كانت، أو دينية، ما عدا اليهود الصهاينة.

أما فترة الحضانة لفيروس المرض، فان الأبحاث الجديدة تفيد، بأنها يمكن أن تصل إلى 12 سنة، ولكن لا توجد علاجات ناجعة للمرض، إلا دواء واحد اسمه AZT، وهو أيضا لا يبرىء من المرض، أو يمنع الإصابة به، وإنما يؤخر موت المصاب لفترة بسيطة، وهو يكلف 600 دولار في الشهر.

من غرائب مدينة الطاعون هذه، هو ما وقع مؤخرا، إذ خرج الشاذون والشاذات، في مظاهر صاخبة، وهي كثيرة هنا، للمطالبة بمزيد من الحريات، ومزيد من الخدمات والرعاية الحكومية، لمرضى الإيدز، وطالبوا الحكومة الأمريكية، وعلى رأسها الرئيس بوش، بأن يخصص لهم مبلغا مماثلا، للمبلغ الذي خصص لمنكوبي الزلزال، الذي أصاب المدينة قبل 8 أشهر، وكان المبلغ 4 مليار دولار!

من ضمن المتظاهرين كانت القاضية دونا هتشنسن، وهي قاضية في محكمة كاليفورنيا العليا، وتتقاضى مرتبا قدره 92 آلف دولار سنويا، في السنة القادمة ستصبح واحدة من أكبر واقدم قضاة المحاكم العليا، هذه القاضية شاذة جنسيا، وقد أعلنت ذلك على الملآ، وهي تحضر مع رفيقتها في الشذوذ، مع طفلين بالتبني، في الأماكن العامة، والأطفال ينادونها بالأم D والأخرى بالأم N!

وهناك أيضا القس جم ميتولسكي، وهو قس لواحدة من كنائس الشواذ، وعددها 260 كنيسة في العالم، والقس من الشاذين، وقد حضر وأقام المراسيم الجنائزية لـ 200 من الشواذ، ماتوا بسبب الإيدز، أي بمعدل جنازة أو إثنتين في كل أسبوع، وأكثر ما يؤلمه هو عدم حضور أقرباء الميت، لتبرؤهم من الميت، واعماله غير المسيحية.

يقول القس الشاذ بأننا أبناء الله، ولكننا نعاني من الآلام، وإن نظرتي للرب قد تغيرت في الآونة الأخيرة، وأعتقد أن الرب لا سيطرة له على الآلام، والمصائب، والكوارث الطبيعية، والأمراض، إنها أمور تتعلق بالطبيعة، والطبيعة غير راشدة في أعمالها، ولكنني واثق بأن الرب في جانبنا، وهو يتألم لألمنا!

لندن: الخميس 4 محرم – 26 يوليو