Image Not Found

عندما يكون الحُب لمطرح

Visits: 9

مسقط-أثير .. إعداد: محمد بن علي الوهيبي- كاتب عماني

مطرح تشبه أحلامنا التي لا تموت ولا تشيخ أبدًا ولو تباعد البعض عنها. مطرح تحظى بمكانة خاصة وأثيرة في ذاكرة العمانيين وما تزال هي مطرح أنظارهم وأحلامهم، وكل من ضاقت عليه الحياة يلجأ إلى مطرح لتُنسيِه بجمالها وطِيب عَيّشها مُر الأيام.
ولمطرح في التاريخ العماني أيام لا تنسى؛ فمطرح هي الميناء العريق والسوق العتيد والمنازل والدكاكين القديمة.
مطرح هي كل الوجوه التي صافحتها والعيون التي لامست ونظرت وعاشت كل أوقاتها.
هي بيت عُمان ومدرسة حسان بن ثابت، هي الوشل ومدرسة سلطان بن أحمد والزبادية وجيدان ومدرسة أسماء بنت أبي بكر ومدرسة هند بنت عتبة.
مطرح هي سبلة الطعام وحارة الشجيعية، ومحطة البترول والمروحة العجيبة، ومستشفى الرحمة (طومس) الذي كان بذاك المبنى المتجذر والراسخ في الوجدان والذي مهما تقادمت الأيام لا تغفله ذاكرتنا؛ فكلما رأيناه أو استذكرناه طبنا من آلامنا وأوجاعنا.

مطرح وادي خلفان ومطيرح و”الكورنيش” وخور بمبه “بيمبا” وبندر دناجي الذي لا تغادره النوارس، وسور اللواتيه و”نازي موجا” أو شجرة النارجيل الوحيدة، والشطيفي، وجبروه التي تعجبني بإسمها القديم

مطرح تكاد أن تكون الولاية الوحيدة في السلطنة التي احتضنت أماكنها مزيج من مختلف أطياف البشر عبر الزمان الذي يمتد لمئات السنين بسبب موقعها وسوقها الذي تصب فيه معظم المنتجات العمانية وتلك المستجلبة من خارج الحدود لكونها ميناء تجاري هام منذ القدم.

ومن رأى مطرح طاب له المقام فسكن واستقربها.
ستظل مطرح وستبقى أيقونة عُمان الأجمل والأحلى على مر العصور.

وربما تتشابه مطرح في هذا التمازج البشري الجميل مع مدينة جدة السعودية لقربها من مكة المكرمة، وتوافد آلاف الحجيج سنويا إليها عبر رحلة طويلة من الزمن وإصرار بعضهم على البقاء في جدة ليتخذوها معاشًا ووطنًا، وتقربًا من أماكن عباداتهم.

أتذكر العندليب والفنان المطرحي يعقوب نصيب الذي أطربنا وأقنعنا ذات زمن بأن مطرحنا هي قصد ومقصود، هذه الكلمات حينما غنى لمطرح عشقه وحبه:

“يا أهل ذا الساكن … أباكم تدلوني
على مطرح المحبوب
شعوني غريب
أبا أشوف ذا الفاتن
لعله ينسيني
ليالي وانا مغلوب حليف النحيب
في مهجته ساكن وكيف ينسيني
واسمي معه مكتوب بأني حبيب
شعوني أنا واكن
ألا لا تلوموني
احبه ولا باتوب من الله نصيب”
هي في الأصل من الأغاني اللحجية اليمنية بعضهم ينسبها للأمير فضل القمندان وهناك من ينسبها للفنان محمد صالح عزاني.

وكما أبهرتنا مطرح في الأيام الخوالي ستبهرنا وستفاجئنا أكثر في الأيام القادمة؛ لأنها مطرح التي كلما تأوي إليها حتمًا ستغمركَ وتُشبِعكَ حبًا ودلالا.

فسلامًا سلامًا لمطرح التي لا ينكسر وزن مكانها ومكانتها ولا يبهت حسنها وجمالها.