Image Not Found

صراع على نقص المياه

Visits: 8

حيدر اللواتي -لوسيل

تتجدد قضية المياه كل مرة نتيجة لتزايد الطلب عليها من الجماهير ورغبة الدول في الحصول على حقها من المياه التي تتقاسم بين دولها. فقد ظلت هذه القضية تؤرق بعض الدول في أفريقيا ومن ضمنها مصر والسودان بسبب الخطط التي وضعتها أثيوبيا لبناء السدود الضخمة على أراضيها، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع كميات المياه المتجهة إلى تلك الدول. ونفس هذه السياسة تؤثر على كل من العراق وسوريا بسبب قيام تركيا بإنشاء مشاريع تقلّل من توجه المياه إلى تلك الدول، ناهيك عن الأخبار التي تحدثَت عن تراجع كميات المياه في دجلة والفرات في الآونة الأخيرة. وهناك العديد من القضايا المماثلة بهذا الشأن التي أدت بعضها إلى تفجّر الحروب في الشرق الأوسط، ومنها الحرب الإسرائيلية الصهيونية على لبنان عام 2006 نتيجة رغبة الصهاينة في الحصول على مياه نهر الليطاني.

والتقارير الأخيرة الصادرة عن المؤسسات الدولية تشير إلى أن عددا من الدول سوف تتضرر بشدة من نقص المياه بحلول عام 2040. وسيكون الوصول إلى المياه إحدى أكثر القضايا إلحاحًا في هذا القرن بسبب تغيّر المناخ والجفاف في عدة مناطق بالعالم، الأمر الذي يراه المحللون أن ذلك سيؤدي إلى الصراع العنيف والعطش بين مواطني تلك الدول. ويشير معهد الموارد العالمية من خلال التقارير التي جمعها في هذا الشأن بأن تتعرض بعض الدول إلى أضرار كبيرة من الإجهاد المائي في العقود القادمة. والمنطقة الخليجية ستكون هي أيضا الأقل أمناً مائياً في العالم، حيث تعتمد حاليًا إلى حد كبير على سحب المياه الجوفية، وتحلية مياه البحر لإرواء عطش المواطنين. وهناك بعض الدول الخليجية تخطط اليوم إلى العيش بالكامل تقريبًا من خلال المياه المستوردة.

ومثل هذه الصعوبات ربما ستواجهها أيضا بعض الدول الأخرى في أوروبا وأمريكا الجنوبية. وقد أشار تحليل للأمم المتحدة صدر عام 2012 أنه بحلول عام 2030 سيواجه نصف سكان العالم نقصًا في المياه بشكل أو بآخر. ولا يخفى على الجميع بأن ارتفاع الطلب على المياه يأتي بسبب النمو السكاني الكبير في العالم بجانب النمو الاقتصادي، وتغير المناخ العالمي، بالإضافة إلى هجرة الأشخاص من القرى والأرياف إلى المدن والمراكز السكانية بسبب الظروف الناجمة عن تغير المناخ، الأمر يزيد من الضغط على البنية التحتية المائية المتاحة حاليا بسبب رغبة الناس في استخدام المزيد من المياه وتغير الحالة الاجتماعية لهم.

وهذه الحالة تدفع الدول إلى استخدام أنظمة الري بالتنقيط في الممارسات الزراعية التي تتطلب الكثير من المياه، حيث تشير بعض التقارير إلى أن في معظم البلدان تستخدم ما بين 70 % إلى 90 % من المياه في أغراض الري بسبب هجرة الناس من الأراضي القاحلة بأعداد كبيرة إلى المناطق المتحضرة التي تزيد فيها المياه. إلا أنه يحدث في هذه الأوقات نوع من الجفاف بسبب اقتلاع آلاف الأشجار من المزارع وحدوث حروب بين الناس، بجانب الضغوطات على الخدمات الاجتماعية بسبب تلك التنقلات.

وأخيرا نقول بأن عدة دول خليجية ورد اسمها بين الدول التي ستعاني من قضايا تراجع المياه لديها خلال السنوات القادمة، الأمر الذي يتطلب وعي الناس بالحفاظ على المياه بصورة أو بأخرى.